حوّلَ تنظيمُ الدّولة الإسلاميّة (داعش) إلى سجونٍ كلّ ما استطاع تحويلَه، من مبانٍ سكنيّة أو مدارِس أو مَلاعِب أو دُورِ عِبادَة أو صالات رياضيّة أو مُسْتَشْفَيات وغيرها، كلُّ ذلك لاستيعابِ عشراتِ الآلاف من المُعْتَقلين مِمَّن خالفوا قواعِدَه أو عارضوه. كما خلّف مئات المقابر الجماعية في مناطق انتشاره في سوريا والعراق، نتيجة أعمال قتل جماعية ومتفرّقة، أو إعدامات ميدانية وتصفيات لمعتقلين بتهم مُختلفة.
نعرض في هذا القسم، معلومات وجولات ثلاثية الأبعاد وخرائط لمجموعات من المواقع التي شهدت انتهاكات جسيمة على يد داعش، وهي:
وإذ تمكّن الفريق من تَصوير وتوثيق العشرات من هذه السجون في أعقاب خُروجِ التّنظيم مِن مناطق سيطرته، إلا أنه لم يتمَكّن من ذلك بالنسبة إلى سُجون أُخرى دُمِرت كلّياً في المَعارِك العَسكريّة، أو أنّها رُمِّمت وأُعيدت إلى وجهة استعمالها الأساسيّة، وهو ما حال دون التمكّن من تصويرها وبناء جولات ثُلاثِيّة الأَبعاد لها.
تَطلّب استِكشاف تلكَ السجون ودراستها جهداً كبيراً، استغرق أَشهراً وسنواتٍ أحياناً، إذ اعتمد فريقُ المتحف على شهادات المُعتقَلين والمُعتقَلات السّابقين وأهالي المخطوفين بشكلٍ أساسيّ، إضافة إلى شهادات من السُّكان المحلّيين في المدن والبلدات والقرى التي دخلها داعش، كما استند إلى أدلّة أخرى كالوثائق ومَواقِع المَحاكم ومراكِز الدّواوين وهَيئاتِ الحُكم الخاصّة بالتّنظيم.
كان دُخولُ بعضِ السجون عمليةً محفوفةً بالمَخاطِر، نتيجة الألغام التي زَرَعها التنظيم، وفي أحيان أخرى دخل الفريق مواقع تؤكِّد معالمُها أنّها كانت سجوناً، لِما حَوَته مِنْ تَحصينات وكِتابات على جُدرانِها وأدوات تعذيب، لكن لم يتمكن من مقابلة ناجين منها، لتسجيل شَهادَتهم وجمع معلومات وافية عنها.
ينشر المتحف هنا جولات ثلاثيّة الأَبعاد عن السجون التي استَطَعنا الوصولَ إليها، إضافةً إلى تحقيقاتٍ وتقاريرَ عن السجون التي لم ينتج الفريق جولات ثلاثية الأبعاد عنها لأسبابٍ شتّى، وقد جرى التّحقّق من المعلومات المنشورة عبر مقارنة الشهادات ومُطابقتها وتوثيقها، وبالاستعانة بوسائل تقنيّة أُخرى منها صوَر الأقمار الصِّناعيّة والتّحْليلات الجِنائِيّة.
اعتمد المُتحف في دراسة هذه المقابر وتصويرها على جهود الفرق الميدانية والعديدِ من المقابلات مع شهودٍ على تلك المقابر وذوي ضحاياها، فضلًا عن التنسيق والتعاون مع المنظمات المحلّية ذات الصلة، وقد وثّق مئات المقابر من خلال تحديد مواقعها وسياق إنشائها وطبيعتها، وعدد الأشخاص المدفونين فيها وطُرق قتلهم.
يؤمن مُتحف سجون داعش أن توثيق المقابر الجماعية أمرٌ بالغ الأهميّة لما تحويه من أدلّة ماديّة ومباشرة على الانتهاكات، وينطوي على كشف مصير آلاف المفقودين، لذا يعمل للإسهام في الكشف عن المقابر الجماعية التي لم تُحدد مواقعها بعد، ولم تخضع للكشف الجنائي.
عند عودة القسم الثاني من مهجَّري بلدة أبو حمام بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر العام 2015، عثر الأهالي على جثث خمس ضحايا في محيط مدرسة أبو حمام، أُعدموا رمياً بالرصاص، وفق شهادات الشهود الذين تواجدوا في الموقع عند انتشالها.
أمكن التعرُّف على هوية بعض الضحايا مِنْ مقتنياتهم الشخصية، إضافة إلى بطاقة هوّية كانت في جيب أحدهم. لاحقاً نُقِلت الجثث الخمسة ودُفنت في مكانٍ آخر.