حوّلَ تنظيمُ الدّولة الإسلاميّة (داعش) إلى سجونٍ كلّ ما استطاع تحويلَه، من مبانٍ سكنيّة أو مدارِس أو مَلاعِب أو دُورِ عِبادَة أو صالات رياضيّة أو مُسْتَشْفَيات وغيرها، كلُّ ذلك لاستيعابِ عشراتِ الآلاف من المُعْتَقلين مِمَّن خالفوا قواعِدَه أو عارضوه.
اسْتَطاعَ فريق مُتْحف سجون داعش تحديدَ عِدّة أنواعٍ من سجون التنظيم، مِثْلَ سجون “ديوان الحِسْبة” والسجون الأَمْنيّة وسجونِ “الشرطةِ الإسلاميّة” والسجونِ العسكريّة وسجونِ المحاكمِ الشّرعية.
وإذ تمكّن الفريق من تَصوير وتوثيق العشرات من هذه السجون في أعقاب خُروجِ التّنظيم مِن مناطق سيطرته، إلا أنه لم يتمَكّن من ذلك بالنسبة إلى سُجون أُخرى دُمِرت كلّياً في المَعارِك العَسكريّة، أو أنّها رُمِّمت وأُعيدت إلى وجهة استعمالها الأساسيّة، وهو ما حال دون التمكّن من تصويرها وبناء جولات ثُلاثِيّة الأَبعاد لها.
تَطلّب استِكشاف تلكَ السجون ودراستها جهداً كبيراً، استغرق أَشهراً وسنواتٍ أحياناً، إذ اعتمد فريقُ المتحف على شهادات المُعتقَلين والمُعتقَلات السّابقين وأهالي المخطوفين بشكلٍ أساسيّ، إضافة إلى شهادات من السُّكان المحلّيين في المدن والبلدات والقرى التي دخلها داعش، كما استند إلى أدلّة أخرى كالوثائق ومَواقِع المَحاكم ومراكِز الدّواوين وهَيئاتِ الحُكم الخاصّة بالتّنظيم.
كان دُخولُ بعضِ السجون عمليةً محفوفةً بالمَخاطِر، نتيجة الألغام التي زَرَعها التنظيم، وفي أحيان أخرى دخل الفريق مواقع تؤكِّد معالمُها أنّها كانت سجوناً، لِما حَوَته مِنْ تَحصينات وكِتابات على جُدرانِها وأدوات تعذيب، لكن لم يتمكن من مقابلة ناجين منها، لتسجيل شَهادَتهم وجمع معلومات وافية عنها.
في هذا القسم نَنْشُر جولات ثلاثيّة الأَبعاد عن السجون التي استَطَعنا الوصولَ إليها، إضافةً إلى تحقيقاتٍ وتقاريرَ عن السجون التي لم ينتج الفريق جولات ثلاثية الأبعاد عنها لأسبابٍ شتّى، وقد جرى التّحقّق من المعلومات المنشورة عبر مقارنة الشهادات ومُطابقتها وتوثيقها، وبالاستعانة بوسائل تقنيّة أُخرى منها صوَر الأقمار الصِّناعيّة والتّحْليلات الجِنائِيّة.
يقع السجن في حي الشفاء بمدينة الموصل، داخل المشفى الجمهوري الذي تأسس العام 1938 ليكون من أوائل المؤسسات الطبية في المدينة، مشكلاً مجمعاً طبّياً مع مدرسة التمريض وكلية الطب، إضافة إلى عدد من المشافي والمراكز الطبية الأخرى. بعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الموصل العام 2014، حوّل سرداب المشفى، الذي تبلغ مساحته 240 متراً مربعاً، إلى سجن، ضم ضباطاً وعناصر سابقين في الجيش العراقي، وأشخاصاً اتُهموا بـ “الاستهزاء بالقرآن وتحريفه”. يشير معتقلون سابقون في سجن “المشفى الجمهوري” إلى أن نسبة الرطوبة كانت مرتفعة جداً فيه بسبب عدم وصول أشعة الشمس إليه، ما أدّى إلى انتشار الأمراض بين المعتقلين، وسط غياب الرعاية الصحية. ويُذكَر أنّ طريقة “الشَبْح” كانت إحدى أبرز أشكال التعذيب في هذا السجن، عبر رفع المعتقل وربط يديه بآلة معلّقة في السقف، مع الضرب المبرح بقطعة حديدية على كل أنحاء جسمه. وبحسب الشهود، فإن عمليات التحقيق كانت تجري بعد ربط يدي المعتقل إلى الخلف وتغطية عينيه، وأمره بالركوع على ركبتيه. أبرز الأسماء التي ارتبطت بهذا السجن كان القاضي “أبو حارث”، الذي عُيّن مسؤولاً عاماً عنه، وقد كان سابقاً ضابط استخبارات في عهد صدام حسين. تعرّض المشفى لدمار كبير إثر معارك استعادة الموصل التي استمرت عدة أشهر، وبعد خروج التنظيم عام 2017 نُقل مستشفى العذبة الميداني ليكون موقعاً لمستشفى الجمهوري.
يقع السجن بين حي الوحدة وحي المزارع في مدينة الموصل، داخل مشفى السلام الذي بُني العام 1985 كأحد أبرز المشافي المركزية الأربعة في الموصل، والمعروف محلياً باسم “مستشفى صدّام”. عند سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الموصل العام 2014، حوّل مستودع المستشفى إلى سجن اعتقل فيه ضباطاً سابقين في جيش الجيش العراقي، في عهد صدام حسين، وخُصص تحديداً لمن حُكم عليهم بالسجن بين ستة أشهر وسنة. يقول الشهود إنّ الرعاية الصحية في هذا السجن كانت “أفضل نسبياً” مقارنة بباقي سجون التنظيم، إذ كان يزوره طبيب وممرض مرّتين في الأسبوع لتفقد المعتقلين. أبرز الأسماء التي ارتبطت بالسجن كان القاضي “أبو عائشة”، الذي عينه التنظيم مسؤولاً عنه. ومنذ خروج التنظيم من مدينة الموصل العام 2017، لا يزال مبنى مشفى السلام مدمراً حتى اليوم، كما هو حال أغلب مشافي المدينة التي دُمرت في معارك استعادة الموصل.
يقع السجن في شارع الكورنيش السياحي بمدينة الموصل، داخل مركز شرطة “النجدة النهرية”، التابع لمديرية شرطة محافظة نينوى، ووظيفته مراقبة نهر دجلة تحسُّباً لحدوث فيضانات وكوارث وغرق. بعد شهر من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على المدينة في حزيران/يونيو العام 2014، حُوِّل المركز سجناً للمعتقلين من مدراء ومسؤولي المؤسسات الحكومية، والمواطنين ممن لهم علاقات عمل أو صداقة مع أشخاص من الطائفة المسيحية أو من “الشبك” (وهم أقلية سكانية تتركّز إقامتها في سهل نينوى بالموصل). كما اعتقل التنظيم في السجن عناصره ممن اتُهموا بمخالفات معينة، مثل سرقة المنازل المصادرة. وبحسب شهود، خصص التنظيم جزءاً من المبنى كمحكمة للشؤون العقاريّة، بعد مصادرته أموال وعقارات وبساتين ومواشي، من المسيحيين والشيعة والإيزيديين وسائر من أسماهم “المرتدّين”. يقول معتقلون سابقون في مركز “النجدة النهرية” التقاهم متحف سجون داعش، إن السجن شهد عمليات تعذيب وإعدام، وحالات ابتزاز وضغط نفسي عبر تهديد المعتقلين الذين تربطهم علاقات بأشخاص مسيحيين، بتطليق زوجاتهم منهم. ومع خروج التنظيم من الموصل العام 2017، رمّمت مديريّة شرطة نينوى المبنى، وأعادته إلى سابق عهده مركزاً لشرطة “النجدة النهرية”، بعد إضافة غرف نقّالة إليه (كرفانات).
يقع هذا السجن في جوار “حديقة الشهداء” ومتحف الموصل المطل على نهر دجلة، ضمن مبنى “البهو الملكي” الذي تأسس العام 1941 لإحياء الفعاليات الثقافيّة والاجتماعيّة والمهرجانات برعاية “مفتشية آثار وتراث نينوى”. لكن تنظيم “الدولة الإسلاميّة”، بعد سيطرته على الموصل العام 2014، حوّل قاعة المبنى الكبيرة إلى مهجع جماعيّ، اعتقل فيه قضاة ومحامين ممن وُكّلوا سابقاً بقضايا إرهاب، إلى جانب موظفي المفوضية العليا للانتخابات، وبعض المرشّحين السابقين. كما اعتُمِد لسجن أشخاصٍ متهمين بتهريب أبناء الطائفة الإيزيدية إلى أهاليهم في سائر المدن العراقية، وآخرين متهمين بممارسة السحر. وفق شهادة سجناء معتقلين في “البهو الملكي” التقاهم متحف سجون داعش، كان المهجع مكتظاً بالرغم من مساحته الكبيرة، لدرجة أنّ السجناء اضطروا إلى التكوّر على أنفسهم عند النوم. أما عن طرق التعذيب، فيشير الشهود إلى أن عناصر التنظيم استعملوا أسلاكاً كهربائية توصّل بجسم المعتقل ليُصعَق بها إلى أن يفقد وعيه أو يموت، علماً أنّ عمليات التحقيق كانت تجري دائماً بعد عصب عيني المعتقل وربط يديه وطرحه أرضاً. يستذكر أحد الشهود عمليات الإعدام داخل وخارج السجن، أبزرها حادثة قطع رأس أحد المتهمين بممارسة السحر، وقد نُفّذت العملية في ساحة “باب الطوب” وسط المدينة، وعلى مرأى حشدٍ من الناس. أبرز مَن ارتبطت أسماؤهم بهذا السجن كان القاضي “أبو حسين” الملقب بـ”قاضي الدماء”، وهو سجين سابق في عهد صدام حسين بتهمة القتل، لكنه خرج بعد عفو العام 2002، ثم اعتقلته القوات الأمريكية لمدة عام في سجن “بوكا” وأطلقت سراحه لاحقاً. بعد انسحاب التنظيم من الموصل العام 2017، أعادت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونيسكو” تأهيل مبنى البهو الملكي، بالتعاون مع منظمات محليّة، ليستضيف مجدداً مهرجانات ومنتديات أدبية وفنّية.
يقع هذا السجن في حي الضباط بمدينة الموصل، وهو في الأساس مبنى مدرسة “إيشق” التركية التي تأسست العام 2008، وأنشأت لها فروع عدة في العراق. بعد شهرين من دخوله مدينة الموصل في حزيران/يونيو العام 2014، حوّل التنظيم مبنى المدرسة إلى محكمة ليليّة وسجن مخصص لعناصر الشرطة والضباط في الجيش العراقي، والأشخاص الذين ترشحوا للانتخابات قبل سيطرته على المدينة بشهرين. أجرى التنظيم تغييرات في المبنى المؤلف من طابقين، شملت بناء أربع غرف نقالة على السطح (كرفانات)، وخصصها لعمليات التعذيب والقتل. يشير سجناء سابقون في مدرسة “إيشق” التقاهم متحف سجون داعش، إلى أن جميع إجراءات التحقيق والتعذيب وإصدار الأحكام وتنفيذها كانت تجري ليلاً، فيما تركزت أساليب التعذيب على قلع أظافر قدمي المعتقل بالكمّاشة، وثقب الأرجل بالمثقب الكهربائي. مِن أبرز الذين ارتبط اسمهم بهذا السجن كان “أبو عائشة” أو “حجي زيد”، وهو القاضي المسؤول عن السجن وسُمِّي بقاضي القضاة، رافقه “أبو برزان” الذي عُيّن في منصب “أمير مفرزة الإعدامات”، ومجموعة من السجانين بينهم “أبو بارق” و”أبو أسعد”. وبحسب الشهود، فإن قائد “مفرزة الإعدامات” في السجن كان يملك صلاحية الإجهاز على أي معتقل أثناء التحقيق معه، وذلك بإطلاقه رصاصة في رأسه بشكلٍ فوريّ. بعد انسحاب تنظيم “الدولة” من الموصل العام 2017، رُمم مبنى المدرسة وأصبح مقراً لشركة مقاولات خاصة.
يقع السجن في منطقة الدواسة بمدينة الموصل، داخل مبنى “جمعية المحاربين القدماء” الذي بني على ضفاف نهر دجلة العام 1951، ليكون أول جمعية محاربين في الدول العربية هدفها خدمة العسكريين المتقاعدين وعوائل الشهداء. بعد سيطرته على المدينة العام 2014، قسّم تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) هذا المبنى إلى جناحَيْن، اتّخذ أحدهما “محكمة شرعية” لإبرام عقود الزواج والطلاق والميراث، وجعل الآخر سجناً للمتهمين بقضايا متنوّعة. لكن أغلب المعتقلين كانوا من ممثلي العشائر، إلى جانب ضباط في الجيش العراقي وعناصر الشرطة وموظفي هيئة الانتخابات، ومنهم من كانت تهمته “التخابر” لصالح القوات الأمنية. يقول معتقلون سابقون في سجن الجمعية، التقاهم متحف سجون داعش، إن عمليات التحقيق والتعذيب كانت تجري بعد منتصف الليل، واستعمل فيها السجّانون أدواتٍ حادة لإدخالها في مناطق حساسة من جسم المعتقل، الذي كان في الغالب مكبَّلاً ومعصوب العينين. مِنْ أبرز الأسماء التي ارتبطت بهذا السجن كان “أبو عائشة” الذي عُيّن قاضياً مسؤولاً عن السجن، يرافقه “أبو إسلام” بصفة “أمير مسؤول” ومجموعة من السجّانين المسؤولين عن التعذيب. وبعد خروج التنظيم من الموصل عام 2017، رُمم المبنى مجدداً وعاد لسابق عهده كمقر لـ “جمعية المحاربين القدماء”.
يقع هذا السجن في حيّ الضباط بمدينة الموصل، في مبنى القائمقاميّة الذي بدأ بناؤه العام 2012 ليكون مكتباً للحكومة العراقية. بعد سبعة أيام من سيطرة التنظيم على الموصل في حزيران العام 2014، رفع عناصره لافتة على المبنى، الذي كان في طور الإنشاء، حملت عبارة “المحكمة الشرعية”، إلا أنه تحول إلى سجن “دمويّ” شهِد عمليات تعذيب وإعدامات جماعيّة. يضم السجن زنزانتين إحداهما للأحكام الثقيلة والأخرى للأحكام الخفيفة، وقد خُصِّصت الزنزانة الأولى لفئة الضباط وعناصر الاستخبارات والشرطة والقضاة والمرشحين للانتخابات في الحكومة العراقية، والثانية للمُتّهمين بقضايا غير أمنية مثل تجارة السجائر وغيرها. بحسب سجناء سابقين في القائممقامية، التقاهم متحف سجون داعش، عوقب أصحاب الأحكام الخفيفة بدفع غرامات مالية أو بالجلد أو سجنوا عدّة أشهر، في حين عوقب أصحاب الأحكام الأمنية بالتعذيب حتى الموت أو الإعدام ليلاً، أو رُمُوا وهم أحياء في مقبرة “الخفسة” الواقعة جنوب الموصل. تتقاطع روايات الشهود حول اعتماد عناصر التنظيم أسلوب وضعيّة “الشَبْح” كإحدى طرق التعذيب، وفيها تُرْبَط كتفا المعتقل من الخلف ويعلَّق بزوايا حديدية لثلاث ساعات، حتى تتقرح كتفاه أو تنخلع مفاصله أو يموت. كما اعتمد السجانون التعذيب بالكهرباء، وذلك بإجلاس المُعْتقل على كرسيّ حديديّ موصول بالكهرباء، ثمّ يُصعَق بالشحنات الكهربائيّة حتى يُغمى عليه أو يموت. ارتبطت بسجن القائممقامية أسماء قضاة وسجّانين عدة، منهم “أبو عائشة” أو “حجي زيد”، وهو القاضي الأول للتنظيم ويسمى بقاضي القضاة. إلى جانب قاضي التحقيق “أبو حسين” المعروف بلقب “قاضي الدماء”، ومسؤولي التعذيب “أبو طه” و”أبو جبل” و”أبو عبد الرحمن”. كانت الرعاية الصحيّة شبه معدومة في السجن، ووفق الشهود، حصل المعتقل ذو التهمة البسيطة على قطعة واحدة من الملابس الداخلية، كلّ أسبوعين. في حين كان أحد الممرضين يتجول بين القاعات كل يومين، ليصف أدوية بسيطة للمرضى، مصدرها صيدليات بعض المعتقلين أنفسهم. ومع خروج التنظيم من الموصل عام 2017، استعادت السلطات العراقية مبنى القائمقامية ورممته وأعادته لسابق عهده.
يقع السجن في منطقة الفيصلية بمدينة الموصل، وهو في الأساس مبنى مدرسة ثانوية شُيِّدت العام 1959، وحُوّلت سجناً بعد الغزو الأمريكي للعراق العام 2003. خصصت القوات الأمريكية هذا السجن لاعتقال متهمين بقضايا أمنية والمصنَّفين كـ”إرهابيين”، وقد احتُجزوا فيه بشكل مؤقت قبل محاكمتهم، ثم نُقلوا إلى سجون أخرى. وعند سيطرة تنظيم “الدولة الإسلاميّة” على الموصل العام 2014، استولى على السجن واعتقل فيه عدداً من أبناء المدينة بتهم أمنية. وأبقى على التقسيمات الهيكلية الموجودة فيه، خصوصاً أنّه كان مهيئاً ومجهزاً مسبقاً كسجن. وفق شهادة أحد المعتقلين السابقين في سجن التّسفيرات، مِن الذين التقاهم متحف سجون داعش، فقد عيّن التنظيم “أبو حارث” قاضياً في السجن ، وهو عنصر سابق في استخبارات نظام صدام حسين. كما عيّن “أبو برزان الحديدي” مساعداً له. يقول الشاهد إن غالبية المعتقلين لم يُعرضوا على القاضي بشكل منفرد، بل كان أبو برزان يدخل عليهم ليلاً ليشتمهم ويصفع من يجادله منهم. ويستذكر حادثة إعدام أحد المعتقلين في ساحة السجن على مرأى من الجميع، بعد أن أصدر القاضي حكماً بقطع رأسه. وحول أساليب التعذيب، يذكر الشاهد وجود قاعة تعذيب نُقل إليها كل من يجادل حول الدروس الدينية التي فرضها التنظيم على المعتقلين. لافتاً إلى أن المعتقل كان يقضي ثلاثة أيام في القاعة، ثم يعود إلى المهجع وآثار التعذيب واضحة على جسده. بعد انسحاب التنظيم من الموصل العام 2017، أُعيد ترميم سجن التّسفيرات الذي تعرض للدمار في معارك استعادة المدينة، وأصبح سجناً مؤقتاً تابعاً لجهاز مكافحة الإرهاب في الحكومة العراقية وما يزال حتى اليوم.
يقع السجن في منطقة الفيصلية بمدينة الموصل، وهو في الأساس مبنى مدرسة ثانوية شُيِّدت العام 1959، وحُوّلت سجناً بعد الغزو الأمريكي للعراق العام 2003. خصصت القوات الأمريكية هذا السجن لاعتقال متهمين بقضايا أمنية والمصنَّفين كـ”إرهابيين”، وقد احتُجزوا فيه بشكل مؤقت قبل محاكمتهم، ثم نُقلوا إلى سجون أخرى. وعند سيطرة تنظيم “الدولة الإسلاميّة” على الموصل العام 2014، استولى على السجن واعتقل فيه عدداً من أبناء المدينة بتهم أمنية. وأبقى على التقسيمات الهيكلية الموجودة فيه، خصوصاً أنّه كان مهيئاً ومجهزاً مسبقاً كسجن. وفق شهادة أحد المعتقلين السابقين في سجن التّسفيرات، مِن الذين التقاهم متحف سجون داعش، فقد عيّن التنظيم “أبو حارث” قاضياً في السجن ، وهو عنصر سابق في استخبارات نظام صدام حسين. كما عيّن “أبو برزان الحديدي” مساعداً له. يقول الشاهد إن غالبية المعتقلين لم يُعرضوا على القاضي بشكل منفرد، بل كان أبو برزان يدخل عليهم ليلاً ليشتمهم ويصفع من يجادله منهم. ويستذكر حادثة إعدام أحد المعتقلين في ساحة السجن على مرأى من الجميع، بعد أن أصدر القاضي حكماً بقطع رأسه. وحول أساليب التعذيب، يذكر الشاهد وجود قاعة تعذيب نُقل إليها كل من يجادل حول الدروس الدينية التي فرضها التنظيم على المعتقلين. لافتاً إلى أن المعتقل كان يقضي ثلاثة أيام في القاعة، ثم يعود إلى المهجع وآثار التعذيب واضحة على جسده. بعد انسحاب التنظيم من الموصل العام 2017، أُعيد ترميم سجن التّسفيرات الذي تعرض للدمار في معارك استعادة المدينة، وأصبح سجناً مؤقتاً تابعاً لجهاز مكافحة الإرهاب في الحكومة العراقية وما يزال حتى اليوم.