مقر اليونسكو في باريس، فرنسا
تمحور معرض “حكاية المكان في الموصل القديمة” حول ثلاثة مبانٍ في الموصل القديمة، تجسد التاريخ العريق للمدينة وتعايشها السلمي الممتد لآلاف الأعوام وتعكس روح العمارة الموصلية، وهي: كنيسة السريان، والجامع الكبير النوري، ومنزل في حيّ الميدان. يمثل كل مبنى فئة أوسع من المواقع التي سيطر عليها تنظيم الدولة “الإسلامية” (داعش) بين العامين 2014 و2017، وغيّر معالمها وارتكب فيها انتهاكات مختلفة، ثم تركها مخرّبة أو مهدّمة.
ركز المعرض على بناء البيئة المعمارية الأصلية للموصل القديمة، وعلى السرد المكاني من خلال جولات ثلاثية الأبعاد (3D) للمباني الثلاثة، بهدف تعزيز الفهم لأهميتها، وتوضّح التغييرات التي أدخلها التنظيم عليها لتوظيفها في قمع أو اعتقال وتعذيب أبناء المدينة. كما اعتمد تقنيات تفاعلية مختلفة، منها نظارات الواقع الافتراضي.
استمع زوار المعرض إلى شهادات مسجّلة لناجين من سجون التنظيم في الموصل، وبالتحديد من السجنين اللذين أنشأهما في كنيسة السريان، وبيت الميدان. يستعرض الشهود تجربتهم في تلك الأماكن كمعتقلين، ويستعيدون ذكرياتها وتفاصيلها.
الجولة المرفقة في الأسفل توفّر أيضاً إمكانية استكشاف معرض باريس، والاطلاع على محتوياته وأقسامه، إضافة إلى مقابلات مصورة مع فريق المعرض الذين يقدمون شروحات مفصلة ورؤى مفيدة حول مفهومه ومحتوياته وأهدافه.
انطلق المعرض من عرض خط /مسار زمني لأحداث مفصلية ومهمة في تاريخ الموصل القديمة، وفي حياة السكان. مسار الأحداث صُممّ بصرياً بشكل يعكس عمق تاريخ المدينة، وامتدادها الثقافي الذي يرجع إلى آلاف السنوات قبل سيطرة داعش عليها (2014-2017). تضمن الخطّ الزمني ومضات تاريخية عن الإنجازات الثقافية والحضارية في الموصل، وإشارات للشخصيات المهمة التي أثرت في تاريخ المدينة وأسهمت في تشكيل هويتها عبر الزمن.
ومن خلال وضع فترة سيطرة داعش في السياق التاريخي الأوسع، أكد المعرض على أن أهمية الموصل لا تتحدد وفق فترة حكمه القائم على التوحش، بل بإرثها الذي يعود إلى قرون خلت. كما أن تتبع دخول داعش إلى الموصل في عام 2014 وطرده منها في عام 2017، يوضح صمود المدينة وعمقها الثقافي، ويعزز فكرة أن هويتها الثقافية وتاريخها أكثر ديمومة من حكم التنظيم المتطرف.
استكشف المعرض التحولات التي شهدتها الموصل القديمة عبر إعادة بناء مواقعها المدمرة رقمياً، وتسليط الضوء على ما فعله التنظيم لتحويل المنطقة إلى سجن كبير. وركّز المعرض عبر السّرد الرقمي على تاريخ ثلاثة أبنية تعتبر نموذجاً عن العمارة الموصلية، وهي: كنيسة السريان، الجامع النوري، وبيت في حي الميدان.
صُممت الجولات الرّقمية بالاعتماد على صور التقطها فريق المتحف بكاميرات 360 درجة. أضيفت لها لاحقاً صور جوية وصور أقمار صناعية، لبرمجة جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد (3D) لهذه المواقع.
باستخدام سماعات الرأس ونظارات الواقع الافتراضي، وفرت تلك الجولات للزُوّار فهماً أوسع للأهمية التاريخية والمعمارية للمواقع الثلاثة، وسلطت الضوء على التغييرات الكبيرة التي حدثت داخل المباني على يد داعش. كما قدمت الجولات معلومات وافية عن السياق والأحداث لإثراء تجربة الزُوّار وتعزيز فهمهم لما حصل.
احتوى القسمان الخاصّان بجولتي بيت الميدان وكنيسة السريان ضمن صالة المعرض، على ثلاث شاشات، عرضت من خلالها شهادات معتقلين سابقين سجّلها “متحف سجون داعش” في المواقع التي نجوا منها.
استمع الزوار إلى ذكريات الشهود عن الموصل القديمة قبل سيطرة داعش عليها، وما طرأ عليها من تغييرات بعد سيطرته عليها، وإلى مدة معاناتهم من الاعتقال التعسفي بتهمٍ عدّها التنظيم “انتهاكاً” لقواعده وأحكامه.
احتوت شهادات الناجين على معلومات حول هذه المباني، وفق تجربتهم فيها، وأظهرت مدى الأهوال التي عانى منها المواطنون العاديون في الموصل. تُعد شهاداتهم مصدرًا مهمًا للتحقيقات التي يعاد من خلالها تمثيل مسرح الجريمة في جولات ثلاثية الأبعاد.
على مدى أسبوع واحد، من 7 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، استقطب المعرض حوالي 1000 زائر من خلفيات متنوعة، وكان من بين الزوار طلاب وأكاديميون وصحفيون ومهتمون بتاريخ الموصل، حرصوا على استكشاف الأدلة الجنائية المقدمة من خلال العروض. حظي المعرض بتغطية إعلامية واسعة أسهمت في توصيل رسالته للجمهور العالمي، وتضمنت تلك التغطيات في إجراء مقابلات مع فريق المعرض ومدير المتحف. كما أثار أيضًا مناقشات مهمة حول دور الأدلة الجنائية في التحقيق بجرائم داعش والجهود القانونية لمحاسبة الجناة، أسمهت في إثراء رؤى فريق العمل.
تفاعل الضيوف بعمق مع المواد المعروضة، وغالباً ما استغرقوا وقتاً طويلاً لاستكشاف كل التفاصيل، كما قدّم بعضهم تعليقات مقارنة، بين سلوك وأثر داعش في الموصل ومناطق أخرى حول العالم.