المدينة: | الرقّة |
عدد مرّات الاعتقال: | مرّة واحدة |
مدّة الاعتقال: | 35 يوماً |
مكان الاعتقال: | سجن الملعب، الرقّة |
تاريخ الاعتقال: | 2015 |
في العام 2015، عندما اعتَقل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية فادي محمد الناصر، مع بعض أفراد أسرته، كان يبلغ من العمر 15 عاماً، ويعمل في مطعم للوجبات السريعة. اتّهم الشاب وأخواه وعمّه وابن عمّته، بالعمالة للتحالف الدولي، واقتيدوا جميعاً إلى سجن الملعب.
يقول فادي في شهادته إنّ أوّل غرفة دخلها هي غرفة الأمانات، حيث وجد عنصراً من التنظيم وراء طاولةٍ، سجّل المعلومات عنه وسلّمه ثياب السجن ليرتديها، وهي عبارة عن بدلة سوداء لها حزام رماديّ على وسطها، وكذلك فعل مع الآخرين.
في ممرّ المبنى الداخليّ، يشير فادي إلى المكان الذي ظلّ واقفاً فيه مع الآخرين، مدّة يومين في انتظار التحقيق، دون أن يعرفوا التهمة التي أوقِفوا بموجبها. لم يُسمح لهم بالجلوس أو بالطعام، فقط أعطوهم بعض الماء وسُمِح لهم بالذهاب إلى المرحاض.
من داخل غرفة التحقيق، يتحدث فادي عن محاولات المحقّقين استدراجه لتوريط إخوته بتهمة التعاون مع التحالف، مقابل إخراجه من السجن. لم يرأف المحقّق بعمره، بل راح السجانين يضربونه بالخرطوم البلاستيكي المسمّى “الأخضر الإبراهيمي”. أما عن التعذيب النفسيّ فيروي كيف ألبسوه مرّة بدلة الإعدام البرتقاليّة، ومارسوا عليه الترهيب بإيهامه أنّه سيُعدَم.
في غرفة التعذيب يستعيد فادي معاناته. يشير إلى الحلقة التي عّلِّق فيها بـ “البالنغو”، وكيف جُلِد، في حين كان غيره من المعتقلين يعذّبون أيضاً بالدواليب، ويملأ صراخهم المكان. ويقول متأثّراً: “خرجت من هنا شبه ميت، لم أكن قادراً حتى على المشي”.
لم يرَ فادي أو يتعرّف على أي من السجانين، لكن بدا له من لهجاتهم الحلبية أو الشامية أنهم سوريون، كما علم أن مسؤول السجن كان سعوديّاً.
في الزنزانة الإنفرادية التي أمضى فيها 35 يوماً، يحكي فادي كيف أمضى أيامه ولياليه، وكيف كان ينام جالساً بسبب المساحة الضيّقة. ويشير إلى موضع على الحائط خلف الباب، حيث حفر اسمه على الجدار ورسم خطاً عن كلّ يوم أمضاه هنا. ويصف شعوره المتقلِّب، ما بين الأمل في الخروج واليأس القاتل.
ويذكر كيف أخبره شابٍّ في الزنزانة الانفراديّة المجاورة أنه محكوم بالقصاص، أي الإعدام، وقد أعطى فادي عنوان بيته وحمّله رسالة شفهيّة إلى أهله.
أصوات الصراخ تحت التعذيب كانت تصل زنزانته ليلاً فلا يستطيع النوم، وبينها أصوات نساء وأولادٍ صغار السنّ حتّى.
في المهجع الكبير، الذي كان يضمّ حوالى 25 سجيناً، تحدّث فادي عن المساجين وتهمهم، وروى كيف شهد فرار ثلاثة سجناء قدماء من هذا المهجع، ناقلاً ردود فعل السجّانين بعد اكتشافهم حادثة الفرار. ويلفت إلى أنه كانوا حذرين في الكلام خوفاً من تواجد الجواسيس بينهم.
ويشير الشاهد إلى موضع الحمام ويقول إن المياه كانت متوفّرة وكذلك لوازم التنظيف. وبذلك كانت النظافة مؤمنة نسبياً ولم يلحظ ظهور أمراض جلديّة أو قمل مثلاً. أما عن الطعام فيقول إنّه حصل على ثلاث وجبات يومياً، تضمنت أحياناً المربّى والحلاوة، بينما توفرت الرعاية الطبية بالحدّ الأدنى.
وحين لم تثبُت عليه أيّ تهمة أُخرج من المهجع ليلاً مع آخرين. عصبوا أعينهم وأخذوهم إلى غرفة الأمانات حيث تسلموا أغراضهم وثيابهم المدنيّة ونقلوا بسيارة إلى دوّار النعيم حيث أطلق سراحهم.
لم تقتصر ذكريات فادي الناصر السيّئة على تجربة اعتقاله، فالسجن سلبه آخاه الذي أُعدم إثر اعتقاله فيه، كما سلبه صوته وحسن النطق. فهو بعد خروجه، ونتيجة الرعب والكرب الذي عاشه، أصيب بنوع من العيّ في نطق بعض الألفاظ. وعند سؤاله عن مشاعره حول كل ما حصل يقول متأثراً إنه بات يكره اسم الملعب، وحتّى فكرة المرور بجواره.