Testimony

عبد القادر النافع

المدينة: الرقّة
عدد مرّات الاعتقال: مرّة واحدة
مدّة الاعتقال: 34 يوماً
مكان الاعتقال: سجن الملعب، الرقّة
تاريخ الاعتقال: 2016

عندما اعتقل تنظيم الدولة الإسلامية عبد القادر النافع، حين كان طالباً في المرحلة الثانويّة. في إحدى ليالي حزيران/ يونيو من  العام 2016، وحوالي الساعة 12 منتصف الليل، داهم منزلهم ثلاثة عناصر ملثَّمين، يستقلّون سيّارة أجرة صفراء، واعتقلوه بتهمة امتلاك “نت مخفي”، أي استعمال الإنترنت داخل البيت، وهو ما منعه التنظيم وحصره في الصالات العامة. ما عرّضه لتهمة أخرى وهي العمالة لقوات التحالف.

أمام مدخل السجن، يذكر عبد القادر كيف أُدخِل من الباب الرئيسيّ، وأُنزل إلى الطابق السفليّ، حيث سلّم أغراضه في غرفة الأمانات وارتدى بدلة السجن الخاصة، وأُعْطِي بطاقة علّقها برقبته، وقد سّجِّل عليها رقمه، “1005”. وهنا أيضاً دوّنوا على حاسوب كلّ المعلومات الشخصيّة عنه، لينقل بعدها إلى الممرّ.

في الممرّ يقف عبد القادر أمام الكاميرا، حيث وقف مدّة يومين في انتظار إدخاله إلى غرفة التّحقيق، موضحاً أنّ رجال التنظيم كانوا يجبرون المعتقلين على الوقوف هنا عدّة أيام، إلى أن يفقدوا قدرتهم على التحمّل كنوعٍ من التعذيب الإضافي.

يعبر عبد القادر الممر الطويل كما كان يعبره للانتقال من زنزانته إلى غرفة التّحقيق، ذاكراً كيف كانت تُسمع أصوات التعذيب وكلام المساجين في المهاجع والغرف المجاورة. وفي غرفة التحقيق، يستعرض عبد القادر أكثر أدوات وأساليب التعذيب كالجلد وتعليق المعتقلين بالسقف و”الشبح” والصعق بالكهرباء.

ويُفصِّل الشاهد مجريات استجوابه والتحقيق معه بتهمة العمالة للتحالف، ذاكراً محاولات المحقّقين إغراءه بالعمل معهم، دون أن يمنع ذلك استمرار التهديد بالعقاب والإعدام.

ويقول عبد القادر إنّه لا يعرف كثيراً ما كان موجوداً في غرفة التحقيق لأنّه كان معصوب العينين طول الوقت، وأنّهم نزعوا العصابة مرّة واحدة عن رأسه عندما سمحوا له بمكالمة هاتفيّة مع أهله، علماً أنّ الزيارات كانت ممنوعة. وممّا ذكره أنّهم صوّروهم مرة واحد عند دخولهم، لكن لم يكن هناك تصوير أثناء التحقيق.

لا يذكر الشاهد أسماء المحقّقين، لكنه عرف أنّ مسؤول السجن يدعى “أبو لقمان”، وعرف اسم اثنين من السجّانين: “أبو أحمد”، الذي يحسن معاملتهم، و”الزرقاويّ” السيّئ المعاملة. ويؤكّد عبد القادر أنّ جميع من التقاهم من السجانين،  بحسب لهجاتهم، كانوا من أهل المنطقة، ما عدا القاضي فقد كان تونسيّاً.

ينتقل عبد القادر، شاقّاً طريقه فوق أكوام الركام، إلى الزنزانة الانفراديّة التي احتجز فيها مع شخصَيْن آخرين أحياناً. ويؤكّد أنّ بقاءه وحيداًَ هنا كان الأصعب عليه، لكن مفاجأة سعيدة وغير متوقَّعة حدثت عندما أحضر عناصر التنظيم صديقاً له من أيّام الدراسة، وزجّوا به في الزنزانة معه، وهم لا يعلمون طبعاً أنّهما على معرفة أحدهما بالآخر. ارتاح الاثنان قليلاً لوضعهما وقد أمضيا مدّة سجنهما معاً.

وعن الطعام يقول عبد القادر إنّهم حصلوا على وجبتين يومياً، الفطور والعشاء، لافتاً إلى أنّ وجبتَيْ الاثنين والخميس تضمنتا الدجاج، كما أتيح للسجناء أحياناً أن يطلبوا شراء الطعام من الخارج.

وأمام الزنزانة الانفراديّة، يروي عبد القادر ما حدث لهم يوم قصفت قوّات التحالف مبنى السجن، وكيف طمر الركام كلّياً زميليه النائمين، أما هو فبقي وجهه فقط ظاهراً. فنادى أحد الحراس الذي ساعده على الخروج من الركام، ليعمل هو بدوره على إخراج زميليه. ويروي كيف هربوا بعد تلك الحادثة، لكنهم اعتُقِلوا مجدّداً لأنّ عناصر التنظيم عرفوهم من زيّ السجن الموحدّ ومن غبار الركام عليهم. وبسبب الضرر الكبير الذي لحق بالمبنى نقلوهم إلى سجن المرايا، ثمّ إلى سجن في بلدة معدان شرقي الرقة.

ويذكر عبد القادر في شهادته هذه بعض الأمور اللافتة، مثل سماعه صوت امرأة تحت التعذيب، ما يشير إلى احتمال وجود فرع للنساء في السجن. ويذكر سجيناً من أذربيجان، متّهماً بالعمالة للتحالف، تعرّض للكثير  من التعذيب.

ويشير إلى المحسوبيّات والوساطات، فمن له واسطة يخرج بسرعة. أمّا هو فقد خرج من هنا بعد 34 يوماً، وبعد أن خضع لدورة استتابة في سجن معدان لمدة 40 يوماً. ويقول إنّه عاد إلى الحياة، لأنّ من يدخل سجن الملعب كان يُعتبَر ميتاً.