Testimony

خليل أحمد الناصر

المدينة: الرقة
عدد مرّات الاعتقال: مرّة واحدة
مكان الاعتقال: سجن الملعب، الرقّة
مدة الاعتقال: نحو 135 يوماً
تاريخ الاعتقال: 2015

خليل أحمد الناصر من سكّان حي الرميلة في الرقة، كان يعمل في مجال التمديدات الصحيّة مع أخيه عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلاميّة على المدينة.

يروي خليل كيف داهم عناصر التنظيم منزل عائلته في شهر آب عام 2015، حوالي الساعة السادسة صباحاً، واعتقلوا خمسة منهم، هو وأخواه وعمّه وابن عمّته. واقتادوهم معصوبي الأعين ومقيّدين، تحت اللكم والركل والضرب بأعقاب البنادق، إلى سجن الملعب. ولم يعرف أن تهمته هي العمالة للتحالف الدولي إلا بعد ثلاثة أشهر ونصف.

في غرفة الأمانات يشرح الشاهد كيف سلّموا أغراضهم، ثم خلعوا ثيابهم ليرتدوا زّيّ السجن الموحَد، لينقلوا بعدها إلى  الممرّ حيث وقفوا ينتظرون دورهم للتحقيق.

في هذا الممرّ يذكر خليل كيف وقف، مع أربعة معتقلين آخرين، مدّة ثلاثة أيام كاملين، لم يسمح لهم في خلالها بالجلوس لحظة واحدة، إلّا في أوقات الأكل والذهاب إلى الحمام. وكانوا يُساقون الواحد تلو الآخر إلى غرفة التحقيق المجاورة، ثمّ يُعادون إلى الممرّ حيث تستمر عمليّات الضرب والتعذيب. ضُرب بالقضبان الخضر، التي أطلق عليها السجناء اسم “الأخضر الإبراهيمي”، وعصي الكهرباء، وكانوا يُعذّبونهم أكثر حينما يطلبون الجلوس للاستراحة لأن أقدامهم لم تعد قادرة على حملهم.

في غرفة التحقيق يتحدّث كيف كان المحقّقون، يضغطون عليه مراراً ليسحبوا منه اعترافاً معيّناً، وهو يردّ عليهم بأنّه لا يعرف ما هي تهمته، فيعودون إلى ضربه وجلده وصعقه بالعصا الكهربائيّة.

ينتقل الشاهد إلى الزنزانة الانفراديّة الضيّقة التي حُبِس فيها مدّة ثلاثة أشهر ونصف مع سجينَيْن آخرين، ويشير إلى اسمه الذي حفره على الحائط مع خطوط عموديّة لعدّ الأيّام التي أمضاها فيها، وهو ما كان يفعله معظم السجناء. كما يشير إلى شبكات مربّعات مرسومة على الحائط، وهي من ألعاب التسلية المعهودة التي كانوا يتسلّون بها.

ينتقل خليل إلى غرفة التعذيب، مشيراً إلى الحلقة التي عّلق بها في السقف سبعة أيام، رأساً على عقب. ويشرح كيف كان السجّانون يضربوهم بأعقاب البنادق، أو يجلدوهم ثمّ يسكبون الماء البارد عليهم. كما يعدّد أدوات التعذيب التي وجدت في الغرفة كخراطيم المياه والعصي والجنازير و”الكمّاشة” التي اُستُعْمِلت لقلع أظافر المعتقلين. 

المشهد الأكثر إيلاماً كان في غرفة الإعدام، إذ يروي خليل كيف أتوا به إلى هذا المكان، ورفعوا العصبة عن رأسه، وأجبروه على مشاهدتهم خلال قطع رؤوس أربعة مساجين، كأنّهم يتوعّدونه بالمصير نفسه، يتذكّر الشاهد بألم الاستغاثات الأخيرة للمعتقلين، مؤكداً أنّ هذا المشهد هو أشدّ ما تعرّض له من أنواع التعذيب.

وأمام هذه الزنزانة الانفراديّة الضيّقة، يحكي لنا خليل كيف كانوا ينامون، ويتحدّثون همساً، ويُمنع عليهم التكلّم مع المساجين في الزنزانات الأخرى، حتى أنّه سمع صوت أخيه ولم يستطع التكلّم معه خوفاً من الجلد.

وعن الطعام يقول إنّ ثلاث وجبات قُدمت لهم يوميّاً، أمّا عن العناية الصحّية، فيؤكّد أنّهم تلقوا المعاينة من طبيب في إحدى الغرف، فكان يعطيهم بعض الأدوية، إذ عانى من ألم الرأس بِسبب سوء التهوية والروائح الكريهة المنبعثة من المرحاض الموجود في الزنزانة معهم.

وأخيراً يروي خليل كيف أُطلق سراحه بعد أربعة أشهر ونصف، مع أخيه الأصغر، وعادا إلى المنزل ليلاً وسيراً على الأقدام، كما أطلق سراح ابن عمّته، لكنّ أخاه الأكبر وعمّه كان مصيرهما الإعدام بقطع الرأس، كما أخبرهم بعض الشهود.

وأمام مدخل السجن الرئيسيّ، يقول خليل إن المكان تغيّر، من ناحية الطلاء بالدهان والنظافة، لكنّ التغيير الأهمّ هو الخلاص من تنظيم  الدولة ومظالمه.