المدينة: | الموصل، نينوى الشرقيّة |
تاريخ الولادة: | 1992 |
عدد مرات الاعتقال: | مرة واحدة |
مدة الاعتقال: | سبعة عشر يوماً |
أماكن الاعتقال: | سجن الأحداث، سجن دار الضيافة |
أمير علي الأصغر، من سكان الموصل، متزوّج وأب لطفلة وحيدة. في شهادته، هذه يروي كيف داهم عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” منزل عائلته بطريقة همجيّة، واعتقلوهم بشكلٍ جماعي مع 35 عائلة من أقربائه (حوالى 150 شخصاً تقريباً)، لكونهم من المنتمين للمذهب الشيعي.
عند دخولهم سجن الأحداث في الساعة الثانية والنصف ليلاً، كشف العناصر عن أعينهم، ولم يكونوا يعرفوا إن دخلت النساء نفس السجن معهم، أو أُخِذن إلى مكانٍ آخر.
ويقول الشاهد إنّ النساء بحسب ما علم لاحقاً، خضعن للتحقيق أمام قاضٍ، بعد أن أعطوهنّ خمارات لتغطية الوجه، ومع ذلك عُصِبت أعينهن لكي لا يرين القاضي. وبالطبع لم يُسمَح لهنّ بالكلام، وهددن بالقتل إن ثبُتت عليهن أيّ تهمة. كما يؤكّد أمير أن النساء لم يتعرّضن للتعذيب أو التحرّش، إنما للإهانات اللفظية والكلامية كونهن ممن يعتبرهم التنظيم “روافض”.
وضع أمير في إحدى قاعات السجن مع حوالي 200 معتقل لتهم تتعلق معنا بالانتماء الديني أو الإثني، وكان منهم “الشيعة” و”الشبك” أو “الأكراد”، إضافة لرجل مسيحيّ واحد، لم يعرف تهمته. يقول الشاهد إنهم أجبروا المسيحي على الصلاة واعتناق الإسلام. ومن المعتقلين أيضاً من كان متَّهماً باللواط.
ويحكي أمير عن التعذيب، وكيف كانوا يأخذون المعتقل ويعودون به متورّم القدمين عاجزاً عن المشي أو مكسّر الأطراف محمولاً ببطانيّة، ويرمونه بين سائر المعتقلين. لكنه لا يذكر أن أحداً توفي تحت التعذيب خلال فترة اعتقاله.
وعن الإعدام يقول أمير إنهم كانوا يأتون ويأخذون المحكومين بعد منتصف الليل، وكان يُقال إنّ من يؤخذ يُعدَم ويرمى في حفرة عميقة تدعى “الخسفة”، وقد تأكد بنفسه من وجود هذه الحفرة بعد خروجه، ما يعني إمكانيّة وجود مقبرة جماعيّة في المكان.
وعلم أمير ممَنْ اعتقلوا في الزنزانة الانفرادية كيف كانوا يجلسون فيها القرفصاء ويضربون ويجلدون، حتى أن العناصر كانوا يرمون فوقهم قنابل صوتيّة لترهيبهم. كما أنّه يرجح عدم وجود قسم للنساء في هذا السجن، أقلّه في تلك الفترة.
ويتحدّث أمير عن وجبات الطعام التي قدمت لهم، فيقول إنها كانت تأتي جاهزة من الخارج، تألفت عموماً من الأرزّ، لكن الحصّة الواحدة لا تكفي لشخصٍ، فيشترك فيها اثنان أو أكثر، وللفطور كما العشاء قطعة جبن مع خبز، أو شوربة عدس.
وعن النظافة يقول الشاهد إنّ المراحيض والحمامات كانت قذرة جداً، ولم يكن فيها مواد تنظيف، فقط صابونتان. كما أنّ الماء الساخن لم يكن متوفّراً، وقد نظّموا وتولّوا أعمال التنظيف بأنفسهم. ولم يكن هناك لا طبيب ولا علاجات، وحتّى أصحاب الأمراض المزمنة كانوا يهملون ويتركون للموت.
شهد أمير ليلة قُصِف السجن، ويذكر كيف دُّمرت القاعة الثانية، وقد قضى فيها أكثر من 90 معتقلاً بينهم بعض أقاربه، إضافة إلى ستّة من عناصر التنظيم. أما قاعتهم فلم تُصَب، ويروي كيف أن عناصر التنظيم، نقلوا المعتقلين إلى سجن “دار الضيافة”.
في “دار الضيافة” عُرضوا جميعاً على القاضي، أدخلوهم فرداً فرداً، معصوبي الأعين. أراد القاضي أن يعرف إن كانوا شيعة، ويبدو أنّ التنظيم تحرّى عنهم في حيّهم بين جيرانهم الذين حموهم وكفلوهم، حتى أنّ منهم من حضر إلى السجن للتوسّط لهم.
ويروي كيف طلب منه القاضي أن يتوضّأ ويؤذّن ويصلي، ففعل ذلك على الطريقة السنّية، فلم يعد عند القاضي ما يبرّر بقاءهم في السجن، لكنه هدد بأن عناصره سيفجّرون المنازل فوق رؤوسهم إن ثبتت تهمتهم. وبعد ذلك أطلقوا سراحهم، دون أن يستعيدوا أموالهم ومجوهرات نسائهم ولا حتى أوراقهم الثبوتيّة.
بعد خروجهم من السجن، وتأكدهم أنهم أصبحوا خارج المراقبة هربوا إلى سوريا ومنها إلى تركيا، ويصف الشاهد الأثر الكبير الذي تركه اعتقالهم على أفراد العائلة، خصوصاً بعد ما عانوه من خوفهم على النساء والأطفال، مؤكداً أنه لا يزال يحمل آثاراً نفسيّة عميقة على أثر تلك الحادثة، التي غيرت حياتهم بالكامل.