يقع هذا السجن في جوار “حديقة الشهداء” ومتحف الموصل المطل على نهر دجلة، ضمن مبنى “البهو الملكي” الذي تأسس العام 1941 لإحياء الفعاليات الثقافيّة والاجتماعيّة والمهرجانات برعاية “مفتشية آثار وتراث نينوى”. لكن تنظيم “الدولة الإسلاميّة”، بعد سيطرته على الموصل العام 2014، حوّل قاعة المبنى الكبيرة إلى مهجع جماعيّ، اعتقل فيه قضاة ومحامين ممن وُكّلوا سابقاً بقضايا إرهاب، إلى جانب موظفي المفوضية العليا للانتخابات، وبعض المرشّحين السابقين. كما اعتُمِد لسجن أشخاصٍ متهمين بتهريب أبناء الطائفة الإيزيدية إلى أهاليهم في سائر المدن العراقية، وآخرين متهمين بممارسة السحر. وفق شهادة سجناء معتقلين في “البهو الملكي” التقاهم متحف سجون داعش، كان المهجع مكتظاً بالرغم من مساحته الكبيرة، لدرجة أنّ السجناء اضطروا إلى التكوّر على أنفسهم عند النوم. أما عن طرق التعذيب، فيشير الشهود إلى أن عناصر التنظيم استعملوا أسلاكاً كهربائية توصّل بجسم المعتقل ليُصعَق بها إلى أن يفقد وعيه أو يموت، علماً أنّ عمليات التحقيق كانت تجري دائماً بعد عصب عيني المعتقل وربط يديه وطرحه أرضاً. يستذكر أحد الشهود عمليات الإعدام داخل وخارج السجن، أبزرها حادثة قطع رأس أحد المتهمين بممارسة السحر، وقد نُفّذت العملية في ساحة “باب الطوب” وسط المدينة، وعلى مرأى حشدٍ من الناس. أبرز مَن ارتبطت أسماؤهم بهذا السجن كان القاضي “أبو حسين” الملقب بـ”قاضي الدماء”، وهو سجين سابق في عهد صدام حسين بتهمة القتل، لكنه خرج بعد عفو العام 2002، ثم اعتقلته القوات الأمريكية لمدة عام في سجن “بوكا” وأطلقت سراحه لاحقاً. بعد انسحاب التنظيم من الموصل العام 2017، أعادت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونيسكو” تأهيل مبنى البهو الملكي، بالتعاون مع منظمات محليّة، ليستضيف مجدداً مهرجانات ومنتديات أدبية وفنّية.