في عام 1968، بدأت الحكومة العراقيّة بإنشاء دارٍ للأيتام، على امتداد دونم واحد، في منطقة سكنيّة ضمن الجانب الأيمن من مدينة الموصل، ممتدة على ضفاف نهر دجلة بالقرب من قلعة باشطابيا التاريخية. لاحقاً في عام 1982، تحوّل المبنى نفسه إلى دائرةٍ لإصلاح الأحداث، ثم سجناً للموقوفين بانتظار محاكماتهم وللمحكومين بتهم جنائية عام 1986. بعد غزو العراق عام 2003 سيطرت القوات الأميركية على السجن، مع المحافظة على إدارته المحليّة، وبدأ يستقبل أشخاصاً متهمين بالتورط في أعمال إرهابية. وفي عام 2014، وبعد عشرة أيام من سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة على مدينة الموصل، شرع الأخير باستخدام المبنى سجناً له، بعدما أجرى تغيّرات جديدة على البناء. لفهم المبنى بمراحله المختلفة، تركز عمل متحف سجون داعش على توثيق 14 شهادة مصورة لسجناء واكبوا مرحلتين زمنيتين من تاريخ السجن؛ الأولى تمتد بين عامي (1991-2000)، تم فيها جمع ثلاثة شهادات لرجال دخلوا السجن كأحداث لتورطهم في التهريب أو المشاجرات. أما المرحلة الثانية فركزت على عام (2014) عبر إجراء 11 مقابلة لسجناء اعتقلهم التنظيم بعد دخوله الموصل. من جانب آخر عمل فريق المتحف المتخصص بالعمارة على إعادة بناء مخطط السجن، وتحديداً الأجزاء المهدّمة منه جراء القصف لتشكيل صورة أفضل عن المبنى إبان سيطرة التنظيم عليه. بحسب الشهود، احتوى السجن بشكله النهائي على غرف تحقيق وتعذيب وغرفة للقاضي الشرعي، إلى جانب زنزانتين جماعيتين للرجال، وجناح كامل يُعتقد بأنه خُصص للنساء. كما ضم أيضاً غرفة أمانات وغرفاً إدارية أخرى. خُصص السجن للمتهمين بقضايا أمنية حساسة مثل المعارضين للتنظيم، وأغلبهم من المرشحين للانتخابات في العراق، وضباط من الجيش وبعض الفئات الأخرى كالمخبرين ومن عُدّوا من “الروافض”. كما يُعتقد أن التنظيم احتجز في الأحداث النساء المنتميّات لأقليات دينيّة أو قومية أو من كنّ زوجات لمطلوبين. يمكن القول إن التعذيب في الأحداث كان استثنائيّاً في شدّته، فإلى جانب الشبح والجلد والتعليق بالـ “بالنغو”، شمل أيضاً استخدام الخازوق وقلع الأظافر ووضع الملح على جروح المعتقلين والصعق بالكهرباء الذي استهدف أحياناً الأعضاء الجنسيّة. بعد أقلّ من شهرين من سيطرة تنظيم الدولة على السجن، تعرض المبنى للقصف من قبل قوات التحالف الدولي بتاريخ 6 آب/ أغسطس 2014 ما خلّف عدداً كبيراً من ضحايا السجناء. بناءً على ذلك، تم إخلائه وتوزيع معتقليه على سجونه ومراكز التنظيم الأخرى في الموصل. أما اليوم فيستخدم المبنى كمقر لوزارة الداخلية (وكالة شؤون الشرطة- مديرية شؤون الأفواج- فوج طوارئ الشرطة الثالث).