سجن “النقطة 11”: كيف تحوّل ملعب الرقّة البلديّ إلى أخطر سجون “داعش”

 

 

 

في العام 1995 انطلقت عمليات بناء وتجهيز الملعب البلدي في مدينة الرقّة على قطعة أرض خُصصت له منذ سبعينيات القرن الماضي، ممتدة بين أطراف حيّ الفردوس وحارة البدو، لكنه لم يشيّد بشكله النهائي إلّا في العام 2006. في خلال سنوات بنائه هذه، توسّعت المدينة ليصير الملعب في وسطها بعد أن كان على أطرافها، كما أن سوره الإسمنتي المسوَدّ بفعل اتّساخه على مرّ الزمن منحه اسم “الملعب الأسود”.

اكتسبت تلك التسمية معانِيَ رمزية أخرى حينما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الرقّة في العام 2013 وحوّل الملعب إلى سجنٍ أمني لولايتي “الرقّة” و”الشام”، عُرف هذا السجن اختصاراً بين أهالي الرقّة بـ”سجن النقطة 11″ وهو أكبر سجون التنظيم في المدينة وأكثرها وحشيّة. لكن لم يكن التنظيم أول مَن اعتمد الملعب كسجن، بل سبقته إلى ذلك الفصائل المُسلحة في الرقّة العام 2013 وأسست فيه هيئةً شرعية وسجناً تابعاً لها، أما التنظيم فقد خصّصه، بعد تجهيزه المبنى بما يلزم، للمعتقلين والمعتقلات المصنّفين عنده كـ”أمنيّين”.

ضمّ المبنى بصورته النهائية ما يقارب الـ 46 غرفة بما في ذلك الحمامات والمطابخ والمهاجع الجماعيّة والزنزانات الانفراديّة، كما تضمن أيضاً غرفاً مخصّصة للتحقيق أو للتعذيب أو للإعدامات، ومنها غرف للقضاة الشرعيين. ونظراً إلى “خطورة” تُهم المعتقلين في هذا السجن بالنسبة إلى التنظيم، كان التعذيب على أشده في هذا المكان، شاملاً أساليب التعليق بالبالنغو والشبح وقلع الأظافر والجلد.

بدأنا في “متحف سجون داعش” العمل على توثيق ودراسة سجن الملعب منذ العام 2017، وذلك بعد أيام قليلة من خروج التنظيم منه، ولاحقاً أُجرِيت 11 مقابلة مصوّرة بالفيديو مع سجناء اعتقلوا فيه، كما أجرينا لقاءات مع مهندسين أشرفوا على تشييد مبنى الملعب، ونشطاء شهدوا حقبة تأسيس الهيئة الشرعية فيه قبل سيطرة التنظيم عليه، إلى جانب سلسلة مقابلات مُسجّلة مع أحد السجانين الذين عملوا فيه في فترة سيطرة التنظيم، كل تلك المقابلات أتاحت لنا فهم طبيعة السجن، والتحوّلات التي لحقت بالبناء قبل وأثناء وبعد سيطرة التنظيم عليه.

 

منهجية البحث في سجن الملعب

من بين السجون العديدة التي أسسها تنظيم الدولة الإسلاميّة في سوريا والعراق، يتفرّد سجن “النقطة 11” في قبو الملعب البلدي بالرقّة، بكونه واحداً من أكثرها غموضاً وتوحشّاً.

وبما أنّه كان سجناً أمنيّاً، صار التشديد على حراسته وحماية هويّة قياديِّيه أولوية بالنسبة إلى التنظيم، وبالتالي تحرّك معظم المعتقلين داخل أروقته مثل “فاقدي البصر” لأنهم كانوا دائماً معصوبي الأعيّن عند عبورهم ممرّه الطويل للوصول إلى غرف التحقيق أو التعذيب، فلم يتبيّنوا تفاصيل المكان بدقّة ولا وجوه سجّانيهم.

ومن التحديات التي واجهت البحث في تفاصيل السجن أن الملعب كمبنى ضمّ جهازين أمنيّين تابعَيْن للتنظيم شغلا جناحيه الجنوبي والشمالي، وهما مركز أمني لـ”ولاية الرقّة”، ومركز أمني لـ “ولاية الشام”، انطويا تحت ما يُعرف بالـ “النقطة 11”. صعّب هذا الدمج بين الجهازين مهمة التفريق بينهما على صعيد الاختصاص وشكل الإدارة، خصوصاً أن السجناء في الكثيرٍ من الأحيان لم يعرفوا اسم الهيئة أو الجهة التي اعتقلتهم.

من جهة أخرى، أطلق التنظيم في سجن الملعب العنان لمُخيلته، بالمعنى السلبي للكلمة، على صعيد الممارسات والتعذيب، لذا كان الملعب أشبه بـ “مساحة تجريبيّة” اختبر فيها أدوات تعذيب جديدة، وتفنّن في بناء زنازين بأشكال متفردة، كزنزانة “بيت الكلب” وزنزانة “التابوت”.

وبما أنّ العشرات أو المئات ممن دخلوا هذا السجن بِتُهم خطيرة تتعلّق بنشاطهم الإعلامي أو السياسي أو “عمالتهم” لصالح “أعداء التنظيم”، لم يخرجوا منه أحياء، فمن المرجح أن أحداثاً كثيرة ظلّت طي الكتمان، ممّا ساهم فيما بعد في تغذيّة مختلف الروايات، عن السجن.

بناء على ذلك، أولى فريق متحف السجون اهتماماً كبيراً لدراسة ملف سجن الملعب “النقطة 11” وبدأ بتجميع الوثائق والشهادات المُرتبطة به وتحليلها منذ العام 2017 وحتى العام 2024. وقد تركّز العمل على محورين، الأول يتعلق بتوثيق تاريخ الملعب منذ بداية تأسيسه في سبعينيات القرن الماضي وحتى سيطرة الفصائل المسلحة في الرقّة عليه وتحويله إلى مركز إعلاميّ، ثم إلى هيئة شرعية في نيسان العام 2013. ولفهم هذه المرحلة أجرينا مقابلات مع مهندسَيْن اثنين أشرفا على بناء أجزاء من الملعب البلدي، ومع نشطاء واكبوا مرحلة تحوله من ملعب رياضي إلى مكاتب إعلاميّة وهيئة شرعية لها زنزاناتها الخاصّة بها.

أما المحور الثاني من عملنا فركّز على تسجيل 11 شهادة مصوّرة لمعتقلين احتجزهم تنظيم الدولة منذ مطلع العام 2014 في ذات المبنى بتهم أمنية مختلفة، إلى جانب مقابلتين بالصوت فقط مع أحد سجاني التنظيم الذي زاول مهاماً إدارية في الملعب ورفض كشف اسمه. أُجريت أولى تلك المقابلات العام 2021 والثانية في العام 2024.

وكغيره من السجون التي درسها ووثَّقها “متحف سجون داعش”، أخذت الدراسة الهندسية والمعمارية لمبنى “سجن النقطة 11” حيّزاً كبيراً من جهد الفريق، نظراً إلى مساحته الضخمة من جهة، وإلى تنوّع استعمالات أقسام مبنى الملعب من جهة أخرى، ما عقّد عملية تتبع الآثار وفهمها، خصوصاً وأن التنظيم ظلّ مسيطراً عليه حتى بعد نقل المعتقلين خارجه، وتحصّن فيه حتى ساعاته الأخيرة في الرقّة، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر العام 2017، ولهذا يُعد الملعب البلدي آخر معاقل التنظيم في المدينة، وهو ما تؤكده الأنفاق التي حاول التنظيم حفرها، والفتحات التي أحدثها في قاعاته لتسهيل التحرّك عند اشتداد المعارك ضدّه.

مخطط سجن الملعب “النقطة 11” (متحف سجون داعش)

 

حين كان “ملعباً”

منذُ وُضعَ مخطّط التنظيم العمراني لمدينة الرقّة في سبعينيات القرن الماضي، حُجِزت قطعة أرض ممتدة بين أطراف حيّ الفردوس وحارة البدو لتأسيس منشأة رياضية، سُمِّيَت فيما بعد “الملعب البلدي”. شهدت هذه المساحة فعاليّات رياضية وأنشطة شبابيّة، تلبية لاحتياجات جيل شابّ برز في المدينة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وهو ما يؤكّده المهندس محمد الحريري، أحد المشرفين على بناء الملعب، والذي أجرينا مقابلة معه تحدَّث فيها عن تاريخ تأسيس المبنى وأهميته في السياق الاجتماعي والمدني الخاص بمدينة الرقّة.

يقول الحريري إن أهالي الرقّة ممن عايشوا مرحلة السبعينيات يذكرون إقامة عروض وفعاليات رياضية في هذا المكان، بالرغم من انعدام التجهيزات اللازمة، والتي تأخر إعدادها حتى العام 1995، حين انطلقت أعمال بناء وتجهيز الملعب رسمياً في مدينة الرقّة.

وفي المقابلة الثانية يقدّم المهندس المدني والناشط السياسي، هديب شحادة، وهو المُشرف على بناء المظلّة المعدنيّة للملعب، والذي اعتُقِل للمفارقة في هذا “السجن”، العام 2014، معلومات مفصلّة عن أقسام الملعب وإجراءات بنائه.

اشتمل الملعب فور الشروع في تخطيطه على قسمين أساسيّين، الأوّل هو المدرج، على أن تبنى تحته مجموعة من الأقبية وصالات الألعاب الرياضية، إضافة إلى قاعة كبيرة استُثمرت كصالة أفراح. والقسم الثاني هو مظلّة معدنيّة فوق المدرج انطلق العمل فيها العام 1996، وتعتبر وفق شحادة “ثاني مظلّة معدنيّة لملعب في سوريا بعد مظلة ملعب اللاذقية الذي استضاف دورة ألعاب البحر المتوسط العام 1987”.

خلال المدة الطويلة التي فصلت بين قرار تأسيس الملعب وبداية العمل فيه، اكتسب المكان المُحاط بسور إسمنتي مرتفع تسميةً جديدةً على لسان الأهالي وهي “الملعب الأسود،” ربما لتحوّل لون السور الإسمنتي العالي الذي يؤطره إلى اللون الأسود، أما البناء وملعب كرة القدم العشبي فانتهت عمليات تجهيزهما في العام 2006.

احتوى البناء، في شكله الأخير، على صالات للجمباز والكاراتيه والجودو وغيرها من الألعاب، التي شغلت القاعات الواقعة تحت مدرجات الملعب، وشهد المكان عدداً من الفعاليات الرياضية حتى العام 2011 عندما توقّفت الأنشطة الرياضيّة الجماهيريّة، إثرَ انطلاق الاحتجاجات المناهضة للنظام السوريّ ذاك العام.

صورة أقمار صناعية للملعب البلدي في الرقة عام 2010 

 

من فصائل المعارضة إلى تنظيم الدولة

في مطلع آذار العام 2013، تحوّلت السيطرة على الرقّة من قوات النظام السوريّ إلى مجموعة من الفصائل المعارضة للنظام، ومنها فصائل إسلاميّة كانت أوّل من استعمل مبنى “الملعب البلدي” كسجن. إذ تفيد معلومات حصلنا عليها من ناشط (نغفل ذكر اسمه لدواعٍ أمنية)، أنه ومجموعات من الناشطين في الرقّة حاولوا بالتعاون مع بعض عناصر الفصائل تأسيس مركز إعلامي مقرّهُ مبنى “الملعب البلدي”، لكن المشروع لم يستمر أكثر من أسبوعين، إذ اتفقَ عناصر الفصائل المسيطرة في المدينة لاحقاً، وفق كلام الناشط، على تحويل مبنى الملعب البلدي إلى مقر للهيئة الشرعية، وهي سلطة قضائية تشكلت أواخر شهر آذار/مارس العام 2013، بعد اجتماعٍ ضمّ عدداً من الفصائل المسلّحة منها “أحرار الشام” و”لواء ثوّار الرقّة” و”جبهة الوحدة والتحرير” و”كتيبة أحفاد الرسول” و”جبهة النصرة”.

في تلك الفترة لم تكن الفوارق واضحة بين “النصرة” وبين تنظيم الدولة بالنسبة إلى الأهالي، ذاك أن الانشقاق بين التنظيمين سوف يأتي في خلال الأشهر اللاحقة[1]، لهذا تعامل المجتمع المحلي مع عناصر الجماعتين في هذه المرحلة على أساس أنهما فصيل واحد، وبرّر هذا الدمج سهولة انتقال قياديّين في “النصرة” إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية بعد انشقاق بعض القياديين مثل “أبي علي الشرعي” الذي سيرد ذكره لاحقاً.

ووفق معلومات زوّدنا بها الشاهد نفسه، ترأّسَ الهيئة الشرعية في الملعب طبيب الأسنان والسجين الإسلامي السابق في سجن صيدنايا ياسر عوف، ووقع الاختيار عليه بوصفه شخصية توافقيّة بين الفصائل ولا يُحسب على أحدها، بينما يشير بعض الناشطين في المدينة إلى أن عوف كان يلقى المساندة من “جبهة النصرة”، فيما عيَّنَ أعضاء الهيئة إسماعيل اللّجي في منصب نائب رئيسها، ووقع الاختيار عليه إرضاءً لعشائر المدينة، بوصفه واحداً منها ومن المنخرطين في فصيل “المنتصر بالله”، أحد الفصائل الأساسيّة في المدينة في تلك المرحلة.

من جانبٍ آخر، تلقى اللجي دعماً من “أحرار الشام” في وجه عوف، الذي كان مدعوماً من “النصرة” في الأشهر السابقة لسيطرة تنظيم الدولة على المدينة، ويشير وجود الرجلين على رأس الهيئة الشرعية إلى أن السلطة الفعلية كانت بيد “النصرة” و”أحرار الشام” أما بقية الفصائل فشغلت موقعاً ثانوياً.

كانت مهمة الهيئة الشرعية في الرقّة حلّ الخلافات التي تشمل المسائل الشخصية والمدنية والشؤون العقارية وغيرها، في محاولة لسدّ الفراغ القضائي الذي تركته السلطات السورية وراءها، كما تحوّلت بعض غرف وقاعات الملعب البلدي إلى سجنٍ غير مجهز أشبه بغرف التوقيف والنَّظَارَات المؤقتة. غير أن شهادات عدد من النشطاء في الرقّة تشير إلى أن الهيئة الشرعيّة سرعان ما بدأت تُخضع المدينة وحياة سكّانها لقوانينها المتشدِّدة.

من الأمثلة على القمع الذي مارسته الهيئة، حادثة اعتقال الناشطة رمال نوفل وتعرضها للجلد وذلك لبيعها، مع مجموعة من النشطاء، فناجين ملونة يعود ريعها للمحتاجين في شهر رمضان العام 2013، واعتراضها على ضرب واعتقال زميلها مصور المبادرة.

في مقابلة مصوّرة معها، تقول رمال إنها توجهت بعد اعتقال زميلها إلى مقرّ الهيئة الشرعية في الملعب البلدي، لمعرفة سبب توقيفه، فكان الردّ باعتقالها على اعتبار أن “صوتها مرتفع وثيابها غير محتشمة” من وجهة نظر القضاة والمحققين القائمين على الهيئة.

في نفس الفترة، اعتقل عناصر الهيئة الشرعية ناشطاً آخر بسبب نشره صوراً على حسابه على “فيس بوك” تُظهرُ بعض المخالفات التي ترتكبها الفصائل في المدينة، ما اعتبرته الهيئة “تشهيراً”، فأوقفت الناشط المذكور في سجن الملعب البلدي لمدة ساعات، بعد أن صادرت حاسوبه المحمول، وأزالتْ منشوراته التي تنتقد الفصائل. ولم يطلق سراحه إلا لخشية أعضاء الهيئة الشرعيّة من توتر العلاقة مع أفراد العشيرة التي ينحدر منها.

غير أن هذا التحالف المؤقت والهشّ القائم بين الفصائل المسيطرة على الرقّة، بدأ بالتراجع أمام سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام منذ صيف ذلك العام، إذ عزّزَ الأخير قواته في المدينة وريفها، بعد انسحابه أمام فصائل المعارضة السورية في مناطق ريف حلب وإدلب، واستكمل إحكام سلطته على المدينة ما بين أواخر العام 2013 ومطلع العام 2014، معلناً نهاية سيطرة المعارضة السورية على الرقّة، ليتخلص بعدها من الجيوب العسكرية التي احتفظ بها النظام السوري في المحافظة كمطار الطبقة العسكري والفرقة 17 واللواء 93.

في هذا الإطار أُخضعت الرقّة بالكامل لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي أعلنها لاحقاً عاصمة خلافته[2]، لتبدأ حملات الاعتقال والتصفية التي استهدفت في المقام الأول الناشطين والمعارضين السياسيين والصحافيين والإعلاميين ومن يشكّ التنظيم في ولائهم له.

ابتداء من هذه المرحلة تحوّل عدد من مباني المدينة الحكومية والمدارس والمنازل أيضاً إلى سجون تابعة للتنظيم، اعتمدها لاعتقال الناس على اختلاف تهمهم، وهكذا انتقل “الملعب البلدي” أو “الملعب الأسود” من مقر للهيئة الشرعية والسجن التابع لها إلى مركز اعتقال تابع لتنظيم الدولة الإسلامية.

 

نوع السجن وهيكليّته الإداريّة

إنّ الكثير من المعلومات التي حصلنا عليها من مقابلة سجّان سابق في “النقطة 11” (أخفينا اسمه لدواعٍ أمنيّة)[3]، يجعلنا نرجِّح أن سجن الملعب تضمّن في الحقيقة جهازَيْن أمنيَّين اثنين شغلا قبوه. الأول أدار سجناً أمنياً خاصاً بـ “ولاية الرقّة” في الجناح الجنوبي من قبو الملعب، والثاني أدار سجناً تابعاً لـ “ولاية الشام” في الجناح الشمالي، اختص بالتحقيق في القضايا الأمنية المتعلقة بحلب وريفها وإدلب ودير الزور والحسكة وغيرها من المناطق التي أُخضعت لسيطرة التنظيم بدءاً من العام 2013.

في الوقت ذاته، تشير شهادات أدلى بها عدد من أبناء الرقّة إلى أنهم اعتقلوا في القسم الشمالي من السجن، أي المخصَّص لـ “ولاية الشام”، وهو ما يصعّب الفصل بدقة بين الجهازين وآلية عملهما.

تشير المعلومات التي جمعناها بعد مقاطعة عدد من الشهادات إلى أن “النقطة 11” تأسست في الأصل العام 2013 ضمن تجمع المباني الخاص بالقضاء العسكري ومبنى النفوس في مدينة الرقّة، واستمر العمل فيها هناك أربعة أشهر حتى تعرضت المنطقة للقصف والتدمير، ما دفع رجال التنظيم إلى نقلها إلى مبنى الملعب الذي كان يخضع في ذلك الوقت لأعمال البناء والتحصين والتجهيز، استعداداً لتحويله إلى سجن حصين.

بالنسبة للهرميّة الإداريّة في “ولاية الرقّة” (الجناح الجنوبي من السجن)، يمكن القول إن قاعدة الهرم تشكلت من السجانين، وغالبيتهم من الشبان والمراهقين، انحدر معظمهم بحسب شهادات المعتقلين من أرياف الرقّة وإدلب وحلب، وساعدهم بعض العناصر الأجانب أحياناً. إلى جانبهم عمِل المسؤولون الإداريّون والماليّون في السجن على تأمين مستلزماته من مواد غذائية وماء، إضافة إلى الكهرباء لضمان استمرار عمل كاميرات المراقبة فيه.

في الدرجة الثانية من الهرم يأتي الأمنيّون، وهؤلاء يتركز عملهم خارج السجن على الاستطلاع والمراقبة في المجتمع والشوارع، وتقديم التقارير والمعلومات لمن هم أعلى منهم، وهم في أغلبهم من السوريين ومن العارفين بالمناطق التي يعملون فيها.

ثم يأتي الأمنيّون الكبار من محقّقين وقضاة، وكانوا في الغالب من أبناء ريف الرقّة، ويعود ذلك ربما إلى انحدار كل من “أبي لقمان” المسؤول الأمني الأول للتنظيم في سوريا، والقاضي “أبي علي الشرعي” المعروف بـ “السفاح” من ريف الرقّة، ما يشير إلى احتمال أن تكون المعرفة والعصبية قد لعبتا دوراً في اختيار المحققين، خصوصاً وأنّ “أبا لقمان” و”أبا علي الشرعي” كانا معتقلين على ذمة قضية واحدة في سجن صيدنايا، وتعود علاقتهما إلى سنوات سابقة[4].

هرم يوضح تراتبية الإداريين في “النقطة 11”

 

أفرزت هذه التراتبية نظاماً محدّداً لإدارة السجن، فبعد دخول المعتقل إلى السجن وتسليم أغراضه الشخصية لقسم الأمانات، يخضع للتحقيق في عدّة مكاتب قبل أن يُصدر القضاة الأحكام النهائية بحقه، ومن أسماء المحقّقين الحركيّة التي ذكرها السجان السابق في “النقطة 11″، “أبو عمر الشيشاني”، و “أبو أحمد الأمني”، و”أبو علي سباهية”، و”أبو محمد”. أما عن التحقيق مع النساء فيؤكد السجّان أيضاً أن “المجاهدات المهاجرات” هنّ من توليّن مسؤولية التحقيق مع المعتقلات، وكنّ يلجأْنَ إلى الجلد كوسيلة لسحب الاعترافات.

وبحسب شهادته أيضاً، فإن العناصر الأمنيين كانوا يغيرون أسماءهم كل فترة كإجراء تمويهيّ احترازي، كما كانوا ينسبون أنفسهم إلى بلدان وأماكن لم يأتوا منها بالضرورة، فـ “أبو عمر الشيشاني” من الرقّة وليس من الشيشان، وكذلك أبو “إبراهيم المنبجي” الذي كان من الرقّة أيضاً، وليس من مدينة منبج كما يوحي لقبه.

تشير المعلومات التي جمعناها من مقابلة هديب شحادة، ومقابلة مع قتيبة الفصيح، المعتقل في الملعب العام 2016 بتهمة “العمالة لقوات التحالف”، إلى وجود عدد من القضاة في الجناح الجنوبي من سجن “النقطة 11″، على رأسهم “أبو علي الشرعي” الوارد ذكره سابقاً واسمه الحقيقي (فواز المحمد الحسن الكردي)[5] وهو من بلدة الكرامة. إلى جانبه وجد أيضاً عدد من القضاة المصريين في أواخر العام 2014، وعُرف عن هؤلاء قربهم من السجناء وإصدارهم أحكام عفو خلال تلك الفترة، وكان في السجن مسؤولان عن الأرشيف، هما “أبو إبراهيم المنبجي”، و”أبو محمد الإدلبي”.

إضافة إلى المحققين الموجودين في السجن بشكل دائم، كان “أبو لقمان”[6] (اسمه الحقيقي علي موسى الشواخ) وهو المسؤول الأمني الأول لتنظيم الدولة الإسلامية في المناطق السورية، يأتي إلى سجن الملعب في زيارة تفقدية كل أسبوعين تقريباً. عُرفت عنه تلك العادة في أواخر العام 2014 ومطلع العام 2015، وهدفت زياراته إلى تفقّد أوضاع السجناء ومراجعة ملفاتهم وتوجيه المحقّقين فيما يخص مسارات التحقيق[7].

في المقابلة معه، يصف المهندس والناشط السياسي، هديب شحادة، المعتقل في الملعب العام 2014، “أبا لقمان”، بأنّه “شخصية قيادية حادة الذكاء، ويمتلك ذاكرة حادة، لدرجة أنه كان يتذكر بعض السجناء وقضاياهم ويميزهم من أصواتهم حتى قبل أن يراهم، كانت زياراته تقع ما بين الساعة الثانية والرابعة فجراً كل أسبوعين، وذلك لأسباب أمنية تتعلق بسلامته الشخصية”.

ليس من الواضح ما إذا استمرت زيارات أبو لقمان بنفس الوتيرة لاحقاً، إذ كان يشرف على عدد كبير من السجون في مناطق مختلفة على امتداد المساحة التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

 

المنصب اسم الشخص أو لقبه الحركي
رئيس استخبارات التنظيم علي موسى الشواخ واسمه الحركي “أبو لقمان”
المسؤول الأمني عن جناح “ولاية الرقّة” “أبو سارية” (اسم حركي)
المسؤول الأمني عن جناح “ولاية الشام” “أبو بصير التونسي” (اسم حركي)
أمير “النقطة 11” “أبو علي الأنباري” (اسم حركي)
القاضي فواز المحمد الحسن الكردي واسمه الحركي”أبو علي الشرعي”
المسؤولون عن الأمانات والأرشيف “أبو إبراهيم المنبجي” و “أبو محمد الإدلبي” (اسمان حركيان)
السجانون “أبو محمد” و “الزرقاوي” (اسمان حركيان)
جدول ببعض الأسماء الحركية لمن تولوا إدارة “النقطة 11”

 

أما الجناح الشمالي من سجن الملعب والمختص بـ “ولاية الشام”، فلا تتوفر معلومات وافية عن إدارته، لكن وجود غرفة أمانات وغرف تحقيق وغرف خاصة بالقضاة داخله يرجّح أن تراتبية السلطة فيه ونمط إدارته لم يختلفا عن الجناح الجنوبي.

الجدير بالذكر هنا أن السجان السابق في النقطة 11″ الذي التقيناه، أكد في شهادته أن رجال التنظيم المهاجرين والأجانب تولّوا بصورة أساسية إدارة سجن “ولاية الشام” لأنهم تمتعوا بموثوقية عالية في نظر التنظيم.

وأثناء الجولة ثلاثية الأبعاد قد يلمس الزائر اختلافاً في تقسيم السجن وتوزيع قاعاته بين الجناحين، إذ إن غرف “الجناح الشمالي” تضمنت مثلاً تسميات واضحة للغرف مخطوطة في الممرات فوق أبواب القاعات، في حين طُليت قضبان الحديد في الشبابيك والأبواب في الجناح الجنوبي باللون الأخضر كمحاولة لإعطاء شكل موحد لكل من الجناحين.

 

تقسيمات السجن إنشائياً

عند الحديث عن سجن الملعب البلدي التابع فإننا نقصد على وجه التحديد قبوه الذي تضمن قبل سيطرة تنظيم الدولة عليه قاعات الكاراتيه والجمباز والملاكمة وصالة الأفراح. فالتنظيم استعمل المبنى بكامله، فوق وتحت الأرض، لكن دراسة فريق “متحف سجون داعش” وتحليلاته تركّزت على الزنازين والمنفردات التي كانت قائمة في القبو.

فضّلنا في هذا القسم من التحقيق تقديم صورة عامة عن قاعات السجن، من دون فصلها تبعاً لجناحي “ولاية الشام” و”ولاية الرقّة”، إذ يبدو أن الفصل بين الجناحين كان موجوداً فقط على صعيد القيادات والهياكل الإدارية، في حين وزّع السجناء وتغيّرت أماكنهم بصورة مستمرة على كامل مساحة القبو.

يشكل الممر العصب الأساسي لسجن “النقطة 11″، وهو بطول 125 متراً تقريباً، ويمكن الوصول إليه عبر ثلاثة أدراج، وتتوزّع على جانبيه من الشمال والجنوب عشرات القاعات المتفاوتة الأحجام والمساحات، ويصل عددها مع الحمامات والمطابخ إلى 46 تقريباً.

خُصِّصت القاعات الموجودة على يمين الممرّ في الغالب لتكون مهاجع جماعية، نظراً إلى اتّساعها، أو قُسمت وحوّلت إلى كتل من الزنازين الانفرادية، في حين تضمن القسم الأيسر غرفاً إدارية ومكاتب تحقيق وغرف استراحة تابعة لرجال التنظيم، مع وجود بعض المهاجع.

 

مُخطَّط لسجن الملعب “النقطة 11” (متحف سجون داعش)

 

بشكل عام، تضمن السجن غرفتي تعذيب وغرفة إعدام، إلى جانب 16 غرفة إدارية، شملت مكاتب للمحققين والقضاة والمستودعات والأمانات والاستراحات، ومكاتب الأمير ووكيل الادعاء. أما المهاجع الجماعية فاختلفت من حيث أحجامها ووصل عددها إلى 13 موزعة على كامل مساحة السجن، بينها غرفة سميّت بـ”سجن الأخوة”، يُعتقد أن رجال التنظيم المتهمين بالخيانة وارتكاب المخالفات سجنوا فيها، بينما تشير شهادات حصلنا عليها إلى أن بعضهم سجن أيضاً في مهاجع أخرى.

أما كتل الزنازين الانفرادية، وعددها ثمانية، فتعدّ إحدى أكثر أجزاء السجن أهميّة نظراً لاختلاف أشكالها وأنواعها والخامات المستعمَلة في إنشائها، إذ تألف بعض تلك الكتل من 10 إلى 15 منفردة اعتُمِدت للاحتجاز والتعذيب على حدٍ سواء[8].

فضمن الزنازين الانفرادية التي أنشأها التنظيم في القسم الشمالي (الأيمن) مثلاً، زنزانة عُرفت باسم “بيت الكلب”، وهي زنزانة صغيرة، يأخذ المعتقل فيها ما يشبه الوضعية الجنينية فلا يستطيع أن يتحرك، ولا يخرج إلا مرة أو مرتين في اليوم للأكل وقضاء الحاجة، فتكون حينها أطرافه متيبّسة لبقائه في نفس الوضعية وقتاً طويلاً. أما “التابوت” فهي زنزانة طولانية ضيّقة مصنوعة من الإسمنت، يبقى فيها المعتقل واقفاً من دون حراك، بينما تقّيد يداه ممدودتين إلى الخارج من نافذة صغيرة في الباب .

أمّا كتلة المنفردات في الجناح الجنوبي (الأيسر)، والمتضمنة 15 زنزانة انفراديّة شيدت مكان قاعة الأفراح، فتُعدّ أكثر مناطق سجن الملعب اتّساعاً ودماراً، خصوصاً بعد تعرّضها العام 2014 لقصفٍ مباشر من قوات التحالف الدوليّ.

أسماء القاعات العدد
غرف إدارية 16
مهاجع 13
كتل المنفردات 8
غرف تعذيب وإعدام 3
حمامات مستقلة[9] 2
مطابخ 2
مداخل 3
جدول بأسماء قاعات سجن الملعب

 

يتضح من معاينة المكان، أن التنظيم بذل جهداً كبيراً في تجهيز المبنى ليكون سجناً وأجرى على تصميمه الداخليّ الكثير من التعديلات، شمَلت إضافة جدران وإزالة أخرى، وسدّ النوافذ الصغيرة التي علت جدران الغرف بالشّبَكِ المعدني وقضبان الحديد.

كما حُصّنت جدران بعض المهاجع بالقضبان الحديدية، وبحسب شهادة السجّان في “النقطة 11″، جاءت عملية التحصين هذه على خلفية فرار اثنين من السجناء من خلال فتحات التنفس، وبسبب تأثير ذلك على دخول الهواء إلى غرف السجن، رُكِّبت شفّاطات للمساعدة على تجديده.

استخدم عناصر التنظيم قضبان الحديد كسقوف للمنفردات، وأغلبها اقتُصّ من أسوار الحدائق والمباني الحكومية التي سيطروا عليها، كما ركّبوا عدداً من الأقفاص المعدنية في الممرات خشية هروب السجناء، وفق ما أكدّه المعتقل السابق، قتيبة الفصيح، في مقابلة مسجَّلة معه ، لكن هذا لم يمنع هرب سجناء في كل مرّة تعرّض فيها الملعب أو محيطه للقصف.

دفع استهداف الطيران الحربيّ سجن الملعب تكراراً، عناصر التنظيم إلى تحصينه بأكياس التراب والرمل، وهو ما وثّقه الفريق الميداني الذي درس المبنى، إذ شوهدت التحصينات في محيط الملعب، وحتى في بعض الغرف التي طالها القصف، وتُبيِّن الجولة الثلاثية الأبعاد الخاصة بالسجن آثار الردم والتراب داخله.

 

التحقيق والتعذيب والإعدام

عُدّ سجن “النقطة 11” بجزئيه التابعين لكل من ولايتي “الرقّة” و”الشام”، من أخطر سجون التنظيم. ونظراً إلى وظيفته الأمنية، اعتمدت عمليات التحقيق فيه على أعنف أنواع التعذيب، كما نفذت الإعدامات في أحد أقسامه.

تضمن السجن عدداً كبيراً من مكاتب التحقيق التي هدفت إلى الحصول على معلومات تساعد على حماية التنظيم وتثبيت مواقعه ومكتسباته ضمن الرقّة وخارجها. وبحسب مقاطعة الشهادات التي حصلنا عليها، اختصت بعض تلك المكاتب بقضايا الأكراد والعمالة لصالح “حزب العمال الكردستاني”، في حين تولّى محققون في مكاتب أخرى قضايا القتال إلى جانب “الجيش الحر” أو التواصل مع جهات خارجية أو مع قوات التحالف الدولي. كما خصصت غرف تحقيق لقضايا الصحافيين والنشطاء السياسيين، وأخرى لرجال التنظيم المُتهمين بقضايا الخيانة أو مخالفة الأوامر والتعليمات.

أولى التنظيم اهتماماً وحذراً كبيرين لعصب أعين المعتقلين، للتأكد من عدم رؤية وجوه الأشخاص في غرف التحقيق أو تمييز موجوداتها أو موقعها ضمن السجن. على سبيل المثال يذكر الشاهد حذيفة الإبراهيم (اعتقل في “النقطة 11” العام 2014)، كيف وضع له السجانون عصبتين على عينيه من باب الحيطة وللتأكد من أنه لا يرى شيئاً. ومع ذلك، يشير بعض المعتقلين السابقين الذين التقيناهم إلى أنهم تمكنوا من مشاهدة تفاصيل بسيطة من موجودات تلك الغرف من طاولات وكراسي وأدوات تعذيب.

في الغالب امتدّت جلسات التحقيق قرابة ساعة ونصف، وتعددت أسئلة المحققين بتعدّد تهم موقوفيهم، ومن المرجح أن جلسات التحقيق لم توثّق بالفيديو، وسجّلت في محاضر مدوّنة على الورق.

تركّز التعذيب النفسي على الإهانات وتهديد المعتقلين بالإعدام أو باستهداف وقتل أفراد عائلتهم على مرأى منهم، إلى جانب محاولات استمالتهم للعمل مع التنظيم كمخبرين أو كمقاتلين، أما التعذيب الجسدي فاشتمل على الضرب والجلد باستخدام الخرطوم الأخضر الشهير المعروف شعبياً باسم “الأخضر الابراهيمي”[10]، إلى جانب العصا الكهربائيّة.

لكن تجربة تعذيب الكثير من السجناء تجاوزت حدود قاعات التحقيق هذه، إذ نُقِل بعضهم إلى المنفردات ليعلقوا فيها من رسوغهم أياماً، أو إلى غرفة التعذيب برافعة السيارات “البالنغو”[11] المُخصصة لتعليق المعتقلين في الأسقف العالية. في هذه الغرفة بالذات عُلق خليل أحمد الناصر، الذي اعتقل في “النقطة 11” العام 2015 بتهمة العمالة للتحالف الدولي، سبعة أيام من أصل أربعة أشهر ونصف، وما زالت آثار الجلد الذي تعرّض له في هذه الغرفة بادية على ظهره.

إلى جانب “البالنغو” عُذب بعض المعتقلين باستعمال العصي والسلاسل المعدنية للضرب، كما اعتمد رجال التنظيم وضعية “الوقوف” كأداة تعذيب عبر إجبار المعتقلين على الوقوف أياماً طويلة في أجزاء محددة من ممر سجن الملعب، ولم يسمح لهم بالتحرك سوى لدخول الحمام أو للصلاة.

محاكاة لأسلوب التعذيب باستعمال رافعة السيارات “البالنغو” (متحف سجون داعش)

 

ونظراً إلى خطورة التهم الموجهة إلى المعتقلين في الملعب، فإنّ الكثير ممّن دخلوا قاعات التحقيق لم يعودوا إلى زنازينهم أو بيوتهم، بل اقتيدوا إلى غرفة إعدامات خاصة ضمن الجناح الجنوبي. في هذه الغرفة التي خُصصت في السابق لرياضة الملاكمة، نُفّذت عمليّات إعدام، وفق شهادة كل من المعتقل خليل أحمد الناصر والسجّان السابق.

بطبيعة الحال لا يملك فريق متحف السجون معلومات كثيرة عن تهم الذين أعدموا داخل المبنى، فخليل أُجبر على مشاهدة أشخاص يعدمون أمامه بغرض ترويعه من دون معرفة تفاصيل إضافية عنهم، أما سجّان التنظيم فيؤكد أنّ الإعدامات التي نُفذت داخل الغرفة اقتصرت فقط على رجال التنظيم المتهمين بالعمالة، في حين نُفِّذ إعدام النشطاء والمعتقلين الآخرين في شوارع وأماكن عامة خارج حدود السجن.

كما يشير السجّان السابق إلى أن عضو مجلس الشورى في تنظيم الدولة “أبا علي الأنباري[12]” أصدر في فترة من الفترات قراراً، منع بموجبه إيقاف أو احتجاز المعتقلين أكثر من أربعة أشهر، فبعد ذلك إما يقتلون أو يطلق سراحهم.

 

تفاصيل وجبات الطعام

احتوى سجن “النقطة 11” في ملعب الرقّة البلدي على مطبخين مجهَّزين بالكامل بمعدات طبخٍ وقدور طهو كبيرة، بحسب الشهادات التي حصلنا عليها، وتولّى إداريون شراء اللحوم والخضار والمواد التموينيّة من أسواق الرقّة.

تألفت وجبة الإفطار من المربى والحلاوة أو الزيت والزعتر، أما وجبة الغداء فتكونت في الغالب من الأرز وبجانبه مرق أو لبن، كما قدم اللحم عدة أيام في الأسبوع، نظراً إلى أن المسؤولين عن إدارة السجن تناولوا في بعض الفترات ذات الطعام المطبوخ ضمن السجن.

أمّا عمليّة توزيع الطعام فكانت تجري بوضع قدر كبير في المهجع، وتولّى السجناء سكب وتوزيع الطعام فيما بينهم، أما في المنفردات وزّعت وجبات منفصلة في صحن من مادة “الفلّين” من دون ملاعق، ولم تتجاوز الكمية المقدمة ربع ما يحصل عليه السجين في المهاجع. يمكن تفسير الاختلاف في كميات الطعام بين المهاجع والمنفردات، والتي أكدتها شهادة حذيفة الإبراهيم (اعتقل لأسباب مجهولة في “النقطة 11” العام 2014)، في ضوء سياسات العقاب الشديد التي فرضها التنظيم على معتقلي المنفردات، وكان التجويع جزءاً منها.

ويمكن مقارنة التفاصيل الواردة حول الطعام على ألسنة معتقلي السجن السابقين في شهاداتهم. إذ يشير مثلاً عبد القادر النافع (اعتقل العام 2016 بتهمة امتلاك شبكة انترنت منزلي) إلى أنّ الطعام احتوى على الدجاج أيام الاثنين والخميس، وأنه حصل في هذا السجن على وجبتين فقط، فطور وعشاء. كما لاحظ أن الطعام كان متوفراً بحيث أمكن للسجناء أحياناً طلب الحصول عليه في حال فوّتوا موعده لأي سبب من الأسباب. أما علي محمد الحمد الذي اعتقل العام 2015 في منفردات متصلة بمهجع جماعي، فيذكر أنه كان يحصل على ثلاث وجبات يوميّاً مكونة في الغالب من الأرز والبرغل.

بشكل عام، لا يتعلق تفاوت شهادات المعتقلين السابقين حول الطعام، بسجن “النقطة 11” فقط بل ينطبق على أغلب السجون التي وثقّها ودرسها “متحف سجون داعش”، ويمكن تفسير ذلك بعوامل عدة، أهمها تاريخ الاعتقال. فالتنظيم في سنوات سيطرته الأولى كان في مرحلة يُسر مادي، وبالتالي كان الطعام وفيراً في سجونه، بينما أدّى تشديد الحصار عليه في مراحل لاحقة إلى تضاؤل كميات الطعام المخصّصة للسجناء.

 

حياة السجناء اليوميّة والعلاقة مع السجّانين

اختلفت ظروف السجن وحياة السجناء اليوميّة في “النقطة 11” تبعاً لمجموعة من العوامل، أهمها التّهم الموجهة إليهم، وأماكن احتجازهم. وبطبيعة الحال كانت المهاجع والزنازين الجماعية أفضل حالاً بالمقارنة مع المنفردات، نظراً إلى تشارك المكان مع آخرين ما أتاح التواصل وأيضاً التضامن بين المعتقلين، بالرغم من الخوف والحذر من وجود جواسيس للتنظيم.

وفق الشهادات التي جمعناها، ازدحمت المهاجع بأعداد كبيرة من السجناء، إذ يؤكد محمد النهار، الذي اعتقل في “النقطة 11” العام 2015 بتهمة التهريب والقتال في معسكرات تابعة لـ “الجيش الحر في تركيا”، أنه تشارك أحد المهاجع الجماعيّة مع 70 معتقلاً آخرين، مشيراً إلى وجود مطبخ صغير خاص بالمهجع، حيث أمكن المعتقلين فيه تحضير الشاي بأنفسهم، كما تولّوا تنظيف المكان، ونادراً ما تلقّوا رعاية طبيّة.

وكحال جميع سجون التنظيم في سوريا والعراق، شكلت الصلاة وقراءة الكتب الدينية النشاط الأساسي للسجناء، وهو ما أعطى أيامهم روتيناً محدداً. في المقابل، كسرت سلوكيات عناصر “النقطة 11” في أحيان كثيرة هذا النظام. فعلى سبيل المثال، يذكر محمد خالد اسماعيل (اعتقل العام 2015) أنّ أحد المسؤولين الكبار عن السجن واسمه “أبو بصير التونسي” اعتاد أن يتسلى بتعذيب السجناء في المهاجع، فكان يجبر ثلاثة سجناء على اعتلاء ظهور بعضهم البعض، وصولاً إلى السقف، ثمّ يشغل المروحة المثبتة في الأعلى لتضرب آخر سجين، كما عمد “أبو بصير” هذا أحياناً إلى تقسيم السجناء في المهاجع الجماعيّة إلى فريقين بعد عصب أعينهم ثم أجبرهم على الركض بسرعة واندفاع ضمن حدود المهجع كي يصطدم بعضهم ببعض أو بالجدران.

إضافة إلى ذلك، اعتُمِدت “بدلة الإعدام البرتقالية” كوسيلة تعذيب نفسي للمعتقلين، إذ كان السجانون يرمونها في المهاجع الجماعية أو في المنفردات، ويتركون السجناء للتكهنات حول هوية الضحية القادم لحكم الإعدام.

أما المعتقلون من عناصر التنظيم فقد حظوا بمعاملة مميَّزة مقارنة مع المعتقلين الآخرين. فيشير شاهدان التقيناهما إلى أنّ السجناء من العناصر تلقوا زيارات من نسائهم في أيام محددة ضمن الأسبوع، وتمكنوا أيضاً من الاختلاء بهّن في مهاجع أو قاعات أخرى ضمن سجن الملعب ذاته، كما أتيح لهم طلب ما يحتاجونه من أغراضٍ أو وجبات طعامٍ من خارج السجن.

مشهد توضيحي لحياة السجناء في سجن “النقطة 11” (متحف سجون داعش)

 

جدران الملعب: أيام المعتقلين ترويها آثارهم

شكلت جدران قاعات سجن “النقطة 11” الـ 46، من منفردات ومهاجع جماعيّة وحمامات، مادةً غنيّة للدراسة والتأمّل بوصفها وثيقة عن حياة السجناء اليوميّة الذين مرّوا يوماً ما بهذا السجن، وبقي مصير الكثيرين منهم مجهولاً حتى اللحظة.

وثّقنا في هذا السجن ما يقارب 230 اسماً مسجلاً على جدران الملعب، بعضها كانت كاملة وأخرى اقتصرت على ذكر اسم المُعتقل الأول فقط، في حين ضمت قوائم الأسماء الموثّقة أسماء مُركبة قد تكون حركيّة أو وهميّة خاصة برجال التنظيم المعتقلين في الملعب، نذكر منها على سبيل المثال: “أبو الزبير الأدلبي” وهو اسم تكرر عدة مرات، و”أبو سمير الداغستاني”، “أبو سعيد بريطاني” و”أبو زين الأوزبكي”.

وبطبيعة الحال اعتُمِدت الأسماء التي يعتقد أنها تعود إلى معتقلين كوثيقة إثبات لتتبع مصائر المفقودين ضمن مشروع جواب، الذي يعد جزءاً من مشروع “متحف سجون داعش”.

لم يقتصر عملنا في المتحف على توثيق الأسماء وحدها، بل إن فريقنا وثّق وحلّل آثاراً مختلفة تضمّنت خطوطاً وكلمات وعبارات كُتبت أيضاً بلغات متعدّدة، أبرزها العربية والإنكليزية والروسيّة والكردية.

 

عبارات على جدار أحد المهاجع أولها عبارة: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظَّالمين” (متحف سجون داعش)

 

تشكل الآيات القرآنية والعبارات الدينية الكتلة الأساسية من حجم النصوص المكتوبة على جدران السجن، فكثيراً ما اختار المعتقلون آيات أو أدعية بعينها ليدوِّنوها بأقلام الحبر أو الرصاص، بما تحمله من استعارات رمزيّة تعكس خوفهم وألمهم أو طلبهم الرحمة من الله.

في هذا السياق يمكن مثلاً الوقوف عند دعاء “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظَّالمين” المكتوب داخل أحد مهاجع الجناح الجنوبي، وفي مهجع جماعي آخر في الجناح الشمالي وهو جزء من الآية (87) من سورة الأنبياء في القرآن الكريم، التي تشير إلى قصة النبي يونس الذي ابتلعه حوت داخل البحر، فلم يخرج حتى خاطب الله بالدعاء المذكور.

وللدعاء “اللهم إنّي مسني الضرّ وأنت أرحم الراحمين”، المخطوط أيضاً على جدار أحد المهاجع الجماعية في السجن أيضاً دلالة خاصة، إذ يرد في الأصل ضمن سورة الأنبياء على لسان النبي أيوب في سبيل إزالة الكرب وإراحة البال وشفاء المريض، وأيوب في التراث الإسلامي رمز للصبر.

ومن الآيات المُكررة أيضاً على جدران سجن الملعب الآية (40) من سورة التوبة “إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”، تشير الآية إلى حادثة اختباء الرسول محمد، وصاحبه أبو بكر في غار حراء خوفاً من ملاحقة المشركين.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ النصوص الدينيّة لم تقتصر على الآيات المُستقاة من القرآن الكريم، بل تضمنت أيضاً شعارات التنظيم، إلى جانب نصوص تبدو كأجزاء من الدورات والمناهج الشرعيّة التي فرضت على المعتقلين، منها على سبيل المثال: “أنواع العبادات في الإسلام: الحب والخوف والرجاء والرغبة والرهبة والخشوع والتوكُّل والإنابة…”، ويبدو أن كاتب هذا النّص كان يتدرّب على حفظه.

كما وثقنا على جدران أحد المهاجع كلمات أغنية تعود لشارة عمل درامي سوري شهير أنتج العام 1996 وحمل اسم “أخوة التراب”، تقول: “مهما الظلم تم وعم، لا بدّ يزول الظلام، مهما الحرب تدمي القلب، لا بدّ يعم السلام”.

إلى جانب النصوص، وثقنا على جدران بعض غرف السجن رسومات وألعاباً مؤلفة من خطوط وإشارات يبدو أن السجناء ابتكروها لتمضية الوقت، إلى جانب الخطوط القصيرة المتتالية والمتقاطعة التي عدّ بواسطتها السجناء أيام سجنهم، فيما حوت إحدى المنفردات أرقاماً مرفقة بوصف لتمارين رياضيّة محددة للأرجل والظهر، ومكتوبة باللغة الإنكليزية، يبدو أن السجين الذي دونها كان يحاول تمرين جسده للحفاظ عليه ضمن الحيّز الضيق الذي حُبس فيه.

 

كيف انتهت حقبة سجن الملعب؟

اختير مبنى الملعب البلدي ليكون سجناً للتنظيم، على اعتباره مكاناً محصَّناً ومجهزاً بشكل جيد ليواجه القصف والمعارك المحتملة، بحسب شهادة السجان السابق الذي أجرينا مقابلتين معه، وبالفعل ظلّ السجن منيعاً ومحميّاً إلى حد كبير بالرغم من تعرضه لعشرات الغارات التي استهدفته ونفذها النظام السوري بدايةً، ثم قوات التحالف الدولي الذي تأسس في أيلول/سبتمبر العام 2014.

يذكر المهندس هديب شحادة، في شهادته، أن السجن تعرض للقصف ثلاث مرات أثناء احتجازه فيه طوال 50 يوماً بدءاً من أيلول/سبتمبر العام 2014، مشيراً إلى أنه شهد أولى الضربات التي نفذتها قوات التحالف على الملعب في منتصف شهر أيلول/سبتمبر من ذلك العام، إذ شعر وغيره من المعتقلين باهتزازات عنيفة بدت مثل زلزال، وسمعوا أصوات قصف استثنائية، تختلف عن أصوات طائرات “سوخوي” و”ميغ” التابعة للنظام السوري. وفي السياق نفسه يذكر علي محمد الحمد المعتقل في “النقطة 11” العام 2015، حادثة قصف شهدها في فترة اعتقاله أصيبت على إثرها امرأة كانت مسجونة في قفص، مضيفاً أنه وصديقه سارعا إلى حملها ببطانيّة لإسعافها.

في آيار من العام 2016 مهّدت إحدى عمليّات القصف لإفراغ الملعب من سجنائه وتحويله إلى قاعدة عسكرية للتنظيم، بحسب السجان السابق، إذ استهدفت الطائرات منطقة واحدة من السجن ما أدّى إلى وفاة ما يُقارب 13 شخصاً. على أثر ذلك طُلب من العناصر نقل المساجين سيراً على الأقدام إلى منزل في منطقة الفردوس لأن القصف كان شديداً، وفي أثناء نقل آخر جماعة من المساجين استطاع أربعة منهم الهرب. أطلق التنظيم النار على اثنين منهم وأُعدموا ميدانياً فيما نجا الآخران.

تتقاطع شهادة السجّان مع شهادتَيْ المعتقلَيْن عبد القادر النافع وقتيبة الفصيح عن حادثة قصف الملعب في أيار/مايو 2016، فعبد القادر يذكر أنّ الضربة نُفذت حوالى الساعة التاسعة صباحاً ودمّرت بشكل شبه كامل قسم المنفردات. وقد ساعده أحدهم على الخروج ومَنْ معه من تحت الأنقاض واقتيدوا جميعاً إلى حديقة البجعة القريبة من الملعب، ومنها إلى سجن “المرايا”.

في تلك الفترة أُخلِي سجن “النقطة 11″، ونُقل المقرّ إلى مشفى الأطفال، آخر السجون الأمنيّة للتنظيم في مدينة الرقّة.

بدءاً من العام 2017، تصاعدت العمليات العسكرية التي استهدفت تنظيم الدولة ومهّدت لخروجه من الرقّة، وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام، أعلنت قوات التحالف السيطرة على مبنى الملعب ودوار النعيم وهي المناطق التي عُدت آخر جيوب التنظيم في المدينة.

عند مشاهدة الجولة الثلاثية الأبعاد الخاصة بسجن “النقطة 11” يمكن للزائر أن يلحظ بوضوح آثار تلك المعارك وما تركته من دمار على المبنى، كما يستطيع معاينة الفتحات التي أحدثها رجال التنظيم في الجدران، والأنفاق التي حفروها لتسهيل حركتهم أو ربما لتأمين خروج بعضهم سالمين من مبنى الملعب.

لاحقاً وفي السنة نفسها، نُظِّف المبنى من الألغام، واستطاع فريقنا دخوله وجمع بعض الوثائق المتروكة داخله. وفي العام التالي بدأت عمليات ترميم المبنى استعداداً لاستعماله مجدّداً كمركز رياضيّ أساسيّ في مدينة الرقّة.

 

 

  1. . لم تكن العلاقة بين تنظيمي جبهة النصرة والدولة الإسلامية واضحة في تلك الفترة بالنسبة إلى الكثير من الناشطين حتى تاريخ 9 نيسان/ أبريل 2013 عندما ظهر تسجيل صوتي لأبي بكر البغدادي أعلن فيه اتحاد دولة العراق الإسلامية وجبهة النصرة لأهل الشام، وردّت هذه الأخيرة في اليوم التالي، في 2013/04/10 بتسجيل آخر تعلن فيه عدم علمها بهذا القرار وتبايع مجدداً تنظيم “القاعدة” وقائده أيمن الظواهري، فانتهت مرحلة التعاون وعدم الوضوح التنظيمي بينهما وصار هناك تنظيمان جهاديان مستقلان، مع العلم أن زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني كان عنصراً سابقاً في تنظيم دولة العراق الإسلامية أثناء وجوده في العراق قبل عودته إلى سوريا في العام 2011 بعد انطلاق الانتفاضة الشعبية.
  2. أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في 2014/06/29 قيام الدولة الإسلامية ومبايعة زعيمه أبي بكر البغدادي خليفة، واتخذ من الرقّة عاصمة له.
  3. أجرى متحف سجون داعش سلسلة مقابلات مسجلة صوتياً مع سجّان زاول أعمالاً إدارية مع تنظيم الدولة الإسلامية، وطالب بعدم الكشف عن اسمه. سُجِّلت أولى تلك المقابلات العام 2021 واستكملت العام 2024، في محاولة للتأكد من درجة تطابق المعلومات الواردة في شهادتيه.
  4. اعتقل “أبو لقمان” و”أبو علي” سابقاً في سجن صيدنايا العسكري التابع للنظام السوري، على خلفية تأسيس خلية جهادية في مدينة الطبقة قرب الرقّة، ويُحتمَل أن يكون للقضية ارتباط باعتقال طبيب الأسنان ياسر عوف، الذي شغل منصب رئيس الهيئة الشرعية في الرقّة قبل سيطرة تنظيم الدولة، إذ تواجد الثلاثة في صيدنايا في نفس الوقت.
  5. . فواز المحمد الحسن الكردي المعروف بلقب “أبو علي الشرعي”، كان معتقلاً سابقاً في سجن صيدنايا العسكري، وخرج بعد اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري، التحق بتنظيم جبهة النصرة وشغل منصب القضاء في بلدة المنصورة، ثم انضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية. قُتل إثر غارة للتحالف في نيسان/أبريل 2016.
  6. . علي موسى الشواخ (أبو لقمان) القائد الأمني الأبرز لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وكان شغل عدة مناصب في التنظيم منها والي الرقّة ووالي حلب. كان الشواخ معتقلاً سابقاً في سجن صيدنايا العسكري نتيجة نشاطه مع خلية سلفية جهادية في مدينة الطبقة القريبة من الرقّة، وخرج في العام 2012 بعد أن شمله عفو رئاسي.
  7. . يرد اسم أبي لقمان وجولاته على السجون في عدد من الشهادات التي جمعها “متحف سجون داعش”. يمكن مثلاً مراجعة مقابلة كرم المصري ومقابلة يوسف شيخ ويس اللذبن التقيا أبا لقمان أثناء وجودهما في سجون تابعة للتنظيم في ريف حلب.
  8. . يقصد بالكتلة هنا مساحة قسمها عناصر التنظيم إلى عدد من المنفردات الضيّقة، بعضها منفردات ثلاثية تتسع لثلاثة أشخاص وبعضها الآخر، لا يتسع إلا لشخص واحد.
  9. . نقصد بالحمامات المستقلة الحمامات التي كانت جزءاً من المبنى الأصلي للملعب، مع العلم أن التنظيم أضاف حمامات أخرى كثيرة في المنفردات والمهاجع.
  10. . خرطوم ماء لونه أخضر عادة، من الواضح أن التسمية انتقلت من فروع أمن النظام السوري إلى سجون تنظيم الدولة الإسلامية، إذ كان الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً أممياً إلى سوريا، وكان جلادّو فروع الأمن السورية يضربون المعتقلين بخراطيم المياه خضراء اللون، ويسخرون منهم لأنهم يتأملون أن المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي يمكن أن يسهم في إخراجهم.
  11. . الرافعة ذات الجنزير والخطاف التي يستخدمها الميكانيكي لتعليق السيارات، وكانت تستخدم لتعليق المعتقلين. بعض السجون كان فيها “بالنغو” يدوي، وبعضها كهربائي.
  12. أحد أعضاء مجلس الشورى في تنظيم الدولة الإسلامية، واسمه الحقيقي عبد الرحمن بن محمد بن مصطفى بن عبد القادر بن وهب بن حسن بن عبد الرحمن بن حسين بن سيد صوم القادولي.