الأَحْداث في أنظمة السجون العراقية: عقود من الانتهاكات

 

لم تشهد معالجة أوضاع الأطفال في السجون العراقية تحسّناً ملموساً على أرض الواقع منذ عقود، فالأُطُر القانونيّة التي وُضِعت لحماية حقوقهم، بما في ذلك قانون الأَحداث العراقيّ، ليست كافية إذا ما نظرنا في واقع السجون والمحاكمات التي لا تزال تطرح تحدِّيات كبيرة.

فمنذ عهد النظام العراقي السابق، الذي بدأ في سبعينات القرن الماضي، عانت فئة “الأحداث”، من ظروف اعتقال قاسية وغير إنسانية، إذ كانت السجون في تلك الفترة مركزاً لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة.

وبالرغم من التقدُّم الذي حقّقته التشريعات بعد نهاية حكم “البعث” في العراق العام 2003، بقي تطبيق القانون موضوعاً شائكاً، وتواجه المؤسَّسات القضائيّة والتأهيليّة تحدّيات كبيرة في ضمان تنفيذ المعايير القانونية والإنسانية بفعالية.

يتناول هذا التقرير الإطار القانونيّ العام الذي يحكم واقع سجون الأحداث في العراق منذ وصول “حزب البعث” إلى الحكم، مروراً بالغزو الأمريكي والحكومات العراقية التي أعقبته، وصولاً إلى سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على أجزاء من العراق، كما يتحدث عن واقع هذه الفئة من الأطفال في إقليم كردستان المستقلّ عن سائر الأراضي العراقيّة.

كما يستعرض التقرير انتهاكات حقوق الأحداث في السجون العراقية، ومدى فاعلية القانون العراقيّ في توفير الحماية اللازمة لهم، مع تسليط الضوء على الحاجة الملحة إلى إصلاحات حقيقية تضمن حقوقهم وكرامتهم.

ويستند التقرير إلى أبحاث وتقارير دولية، وشهادات مُعتَقَلين سابقين في السجون العراقية، إلى جانب رأي أحد الحقوقيّين في بعض النقاط القانونية.

الإطار القانوني العام

حدَّدت التشريعات العراقيّة، نظريّاً، أُطُراً عدّة للتعامل مع القاصرين المُتَّهمين بتجاوز القانون، بما في ذلك آليات محدَّدة لاحتجازهم ومحاكمتهم. فبحسب القانون المدنيّ العراقيّ يُعتبر قاصراً كلّ شخص ما دون الثامنة عشرة من العمر، وهو ما نصّت عليه صراحةً المادة 106 من هذا القانون: “يبقى الشخص قاصراً حتى بلوغ سنّ الثامنة عشر”.

كما يشتمل القانون العراقي على مجموعة من التشريعات التي تكفل حقوق الأحداث، أبرزها قانون العام 1983 لرعاية الأحداث الذي لا يزال سارياً في جميع أنحاء العراق حتى اليوم، مع تعديلات طفيفة على بعض بنوده، خصوصاً في إقليم كردستان.

ويحدّد قانون رعاية الأحداث العراقيّ السنّ الأدنى للأهلية الجنائية بتسع سنوات، وهو أفضل نسبياً من قانون العقوبات السابق الذي حدّد السن الأدنى بسبع سنوات.

ونصّ القانون ذاته، من ناحية أخرى، على أن الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 14 عاماً لا يجوز حبسهم، ويقتصر حبس القاصرين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و18على الحالات التي يُتهمون فيها بارتكاب جنايات تصل عقوبتها حدّ الإعدام.

وفي توضيح للتناقض السابق بين سنّ الأهليّة الجنائيّة تسع سنوات، وسنّ حبس الأحداث 14 سنة، يشير الحقوقي العراقي هوكر جتو في حديثه لـ “متحف سجون داعش” إلى عدم وجود تناقض بين النصّين “إنما هناك خلط بين الحبس والتوقيف، وبين أحكام التوقيف الاختياريّة وأحكام التوقيف الوجوبيّة”.

 

وقد لفَتَ جتو، الذي يعمل رئيساً لمجلس الأمناء في “منظمة النجدة الشعبية”، إلى أنّه “لا يمكن القول إن الأحداث ما دون الرابعة عشرة لا يجوز حبسهم، فالقانون يجيز توقيف الحدث مطلقاً إذا ارتكب جناية أو جنحة بغض النظر عن عمره، لكنه يجعل توقيف الحدث وجوبياً إذا تجاوز الرابعة عشرة وكان متهماً بجريمة عقوبتها الإعدام”.

 

أمّا إذا ارتكب الولَد الذي يقل عمره عن أربعة عشر عاماً أي جنحة أو جناية، فيجوز بحسب جتو توقيفه تحت مسمى “الإيداع” وليس الحبس، أي يوضَع في مدرسة تأهيل الصبيان أو البنات.

ووفقاً لقانون رعاية الأحداث، يجب أن يُحاكم الأطفال المعتقلون في محاكم الأحداث، وأن يُحتجزوا في منشآت مُخصَّصة لهم، إذ حدّدت المادة 10 (العاشرة) من القانون أنواع المنشآت بحسب عمر الحدث والغاية من الاحتجاز، ومنها:

  • دار الملاحظة: وهو مكان مُعَدٌّ لتوقيف الحدث بعد الاعتقال، وفيه يخضع لفحوصات بدنيّة وعقليّة تمهيداً لمحاكمته.
  • مدرسة التأهيل: يُحوّل الحدث من دار الملاحظة إلى مدرسة التأهيل بعد صدور قرار من محكمة الأحداث، ووظيفة هذه المؤسسة إعادة تأهيل الحدث اجتماعيّاً ومهنيّاً أو دراسيّاً.

وهناك ثلاث مدارس تأهيل أو مراكز احتجاز خاصّة بالأحداث في العاصمة العراقية بغداد، وهي:

  • دار تأهيل الأحداث النساء المشرَّدات، وهي مخصصة لإيواء فتيات وشابّات من عمر تسع سنوات إلى 22 سنة.
  • دار الرشاد في مدينة الصدر في بغداد، وهي مخصصة لاحتجاز الفتيان من عمر تسع سنوات إلى 15 سنة، وهي تتَّسع لـ 100 حدث، لكن في حزيران/يونيو العام 2019 احتُجز في الدار حوالى 145 حدثاً[1].
  • دار الطبشي: وهي تضم الفتيان من عمر 15 إلى 18 سنة، وقد بنيت العام 2012 على أن تتسع لـ 200 حدث، لكن في أواخر أيار/ مايو العام 2019 احتجز في هذه الدار 443 حدثاً.

وإلى جانب تلك الموجودة في بغداد، توجد في إقليم كردستان العراق ثلاث دور تأهيل، وتحديداً في أربيل والسليمانية ودهوك.

أمّا في ما خصَّ الالتزامات الدوليّة فقد انضمّ العراق في العام 1994[2] إلى اتفاقيّة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، والتي تشتمل على ثلاث مواد أساسيّة تُحَدِّد آلية التعامل مع القاصرين، بمن فيهم الذين يرتكبون مخالفات قانونية.

وتنص المادة 19 من هذه الاتّفاقيّة على ما يلي: “يجب أن تتَّخذ الحكومات كلّ التدابير اللازمة لحماية الأطفال من جميع أشكال العنف أو الضرر أو الإهمال أو إساءة المعاملة من الوالدَيْن أو من أيّ شخص آخر يتعهَّد رعايةَ الطفل”.

أمّا المادّة 37 من الاتفاقية ذاتها فَتَتَعلَّق بظروف اعتقال القاصرين، ومن أبرز بنودها: “يجب ألّا يتعرّض أيّ طفل للتعذيب وألّا تُفرض عليه عقوبة الإعدام أو ضروب من المعاملة أو العقوبة القاسية أو المُهينة. يجب أن يكون اعتقال الطفل أو احتجازه الحلّ الأخير الذي يُلجَأ إليه ويكون لأقصر فترة زمنيّة مناسبة. يُعامل أي طفل محروم من حريته بإنسانيّة واحترام ويُسْمَح له بالتواصل مع أسرته. يجب أن يفصل أي طفل محروم من حريته عن البالغين”.

وتنص المادة 40 المتعلقة بمحاكمة الأحداث على ما يلي: “يجب أن يُعامل أيّ طفل متَّهَم بمخالفة القانون معاملةً تراعي كرامته وتحترمه. وله الحقّ في الحصول على مساعدة قانونية ومحاكمة عادلة تأخذ عمره بعين الاعتبار”، وكذلك “على الحكومات أنْ تضع حدّاً أدنى من العمر لا يُحاكَم مَن هم دونه من الأطفال بموجب القانون الجنائي، وعليها أن تُدير نظاماً قضائياً يساعد على إصلاح الأطفال الذين خالفوا القانون وإعادة دمجهم بالمجتمع”.

أمّا إذا وقع تعارُض بين اتِّفاقية الأمم المتَّحدة لحقوق الطفل وبين القانون العراقي، فتُعطَى الأفضليّة للقانون العراقي[3]، وذلك وفقاً لأحكام الدستور الوطنيّ الذي دخل حيِّز التنفيذ العام 2005.

يتبيَّن من كلّ ما سبق وجود آليّة قانونيّة للتعامل مع الأحداث في العراق، تعي فعلاً ضرورة إعادة تأهيلهم وتعليمهم، لكنّها تُعتَبر “غير كافية” كون السلطات المعنيّة لم تلتزم بها عملياً، سواء في زمن حكم نظام البعث أو مع الحكومات التي أعقبته، وذلك تحت ضغوط الحروب والأعمال المسلحة.

البداية من “البعث”

في العام 1968 تولّى “حزب البعث العربي الاشتراكي” زمام الحكم في العراق، واستمر فيه حتى العام 2003. وفي معظم تلك الحقبة ارتبط الحزب بشخص الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي حكم البلاد من العام 1979 حتى سقوط نظامه في العام 2003.

اللافت في تلك الفترة أن النظام القضائيّ استُغِلّ كأداة لخدمة النظام الحاكم وحمايته، إذ ارتكبت أجهزة الأمن العراقيّة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتحوّلَت السجون مراكزَ للاعتقالات التعسفية والتعذيب الممنهج.

لم تكن الانتهاكات مقتصرة على البالغين فقط، بل طالت أيضاً الأحداث الذين تعرضوا لمعاملة قاسية مشابهة، خصوصاً في حملات القمع التي شنّها نظام صدام على الجماعات المعارضة، مثل “حملة الأنفال” ضد الأكراد[4]، وحملة قمع التمرُّد الشيعي[5] في الجنوب العام 1991. وقد وُثِّقت حالات اعتقال الفتيان والرجال من دون تمييز بين كبير وصغير.

لكن في القضايا الجنائيّة، وبخلاف ما جرى في القضايا السياسيّة، حاول النظام القضائي فصل القاصرين عن البالغين واحتجازهم في أماكن خاصة بهم، إذ جرت العادة أن يُرسَل الأطفال ما دون الثامنة عشرة من العمر إلى مراكز إصلاح الأحداث، ومع ذلك فقد تعرضوا لمعاملة سيئة ولم تكن الخدمات الإصلاحية المقدَّمة لهم كافية، هذا إذا توفّرت.

أجرى “متحف سجون داعش” عدداً من المقابلات مع سجناء سابقين في سجون الأحداث في زمن حكم صدام حسين، ومنهم سعد سالم عبد الله الذي اعتُقل العام 2001 وكان في الرابعة عشرة من عمره بتهمة تهريب الأرز، وقضى سبعة أشهر في مركز اعتقال الأحداث في مدينة الموصل.

يقول سعد إنه في خلال فترة اعتقاله كان الاقتصاد العراقي في أوج انهياره بسبب العقوبات الدولية التي فرضت على نظام صدام، ما دفع العديد من العراقيين، بمن فيهم الأطفال، إلى اعتماد طرق “غير قانونية” لكسب العيش، وفق تعبيره.

ويروي سعد في شهادته كيف كان يمضي يومه في زنزانة كبيرة مع 250 فتى آخرين حيث لم يُسمح لهم بالخروج إلى ساحة المبنى إلا لمدة ثلاثين دقيقة يومياً، لافتاً إلى أنهم كانوا يتناولون طعاماً جيداً نسبياً، لكنهم شهدوا معاملة “قمعية”.

يستذكر سعد في شهادته الضرب الذي تعرض له الأطفال “لتأديبهم” على يد حراس يرتدون لباساً موحداً عليه شعار “حزب البعث”، ويقول إنه في إحدى المرات عوقب بالضرب على قدميه (فلقة) بسبب مشاجرة، ذاكراً اثنين من الحرس “كانا مصدر رعب شديد للأطفال”.

أما سامي عبد الخليل، فقد اعتقل في مركز الأحداث نفسه عندما كان عمره 17 سنة، بسبب مشاجرة مع اثنين من عناصر أمن الدولة. وقبل تحويله إلى مركز الأحداث الذي أمضى فيه شهراً في انتظار محاكمته، تعرّض سامي للجلد بخرطوم بلاستيكيّ.

يؤكد سامي أنه لم يتعرض للتعذيب في مركز الأحداث، لكنه شهد تعذيب أطفال آخرين في جلسات التحقيق معهم. وكانت هذه الجلسات تستغرق ثلاث إلى أربع ساعات يعود الأطفال منها وآثار التعذيب بادية على أجسادهم، بحسب ما يقول.

وأضاف سامي أنّ أكثر ما كان يقلقه في حينه هو قضية الطفل الذي اعتُقل في سجن الأحداث حتى أصبح بالغاً، ثم نُفذ فيه حكم الإعدام[6]، وهو مصير كان سامي يخشى أن يلقاه هو نفسه إذ كان على مشارف الثامنة عشرة من عمره في ذلك الوقت.

 

سجلٌ سيّئ للأمريكيين

ادّعت كلّ من الولايات المتّحدة وبريطانيا، عند غزوهما العراق في آذار/مارس العام 2003، أنّ من أهمّ أسباب الغزو هو تحسين سجلّ حقوق الإنسان السيّئ في ظلّ حكم نظام صدام حسين الذي أُطيح به في 9 نيسان/أبريل من العام نفسه.

لكن تقارير حقوقيّة دوليّة أكَّدتْ ارتكاب القوات الأمريكية انتهاكات جسيمة. فقد فشلت الدولتان في تطبيق إجراءات اعتقال تلتزم بأدنى معايير حقوق الإنسان.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية (Amnesty International) في تموز/يوليو العام 2003، مارست القوات الأمريكية أساليب تعذيب ومعاملة سيِّئة ضدّ المعتقلين في سجونها، ثمّ ذكّرت المنظمة مجدّداً بتلك الانتهاكات في آذار/مارس العام 2023، في تقرير[7] حمل عنوان “الإفلات من العقاب يسود العراق بعد مرور 20 عاماً على غزو قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة”.

أشارت المنظمة في تقريرها إلى أنّه ما بين العامين 2003 و2011، تورَّطت القوات الأمريكية في انتهاكات “مستشرية”، بما في ذلك الهجمات العشوائية التي قتلت وجرحت مدنيّين، فضلاً عن الاعتقال السرّي والإخفاء القسري والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مطالبةً بتحقيق العدالة والتعويض الكامل عن تلك الانتهاكات.

لكن أسوأ الانتهاكات اكتُشفت لاحقاً في سجن أبو غريب، وهو سجن سيّئ السمعة أنشئ في عهد النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين، ثم أعادته القوات الأمريكية إلى الخدمة في آب/أغسطس العام 2003.

ظهرت فضيحة سجن أبو غريب على العلن، في أواخر نيسان/أبريل العام 2004، عندما سُرِّبت صُوَرٌ “تذكارية” التقطها جنود أمريكيون أثناء تعذيبهم وإهانتهم سجناء عراة، وقد انتهى الأمر بمحاكمة عدد قليل من الجنود معظمهم من ذوي الرتب الدنيا في الجيش الأمريكي.

وكذلك ارتكبت القوات البريطانية في البصرة[8] وغيرها من المحافظات الجنوبية بانتهاكات إنسانية شملت تعذيب السجناء وإساءة معاملتهم، عبر تغطية الرأس (تطميش) والضرب والحرمان من النوم.

أبرز انتهاك بريطانيّ ارتبط باسم الشاب بهاء داوود سالم المالكي (المعروف ببهاء موسى)، وهو موظَّف في فندق قتل في أيلول/ سبتمبر 2003 أثناء اعتقاله على يد جنود بريطانيين، وقد أظهر تقرير الطبّ الشرعيّ أن بهاء (26عاماً) مات خنقاً وفي جسمه آثار 93 كدمة.

وقد خضع سبعة جنود بريطانيين لمحاكمة عسكرية على خلفية مقتله، لكن بعد وقوع الحادثة بثلاث سنوات ونصف.

من جهة ثانية، طالت الانتهاكات الأمريكية في العراق الأطفال والقاصرين، وذلك باعتراف مسؤولين أمريكيين أقرّوا بوجود أطفال في سجن أبو غريب، ومن بينهم الجنرال يانس كاربنسكي الذي اعترف بأن طفلاً عمره ثمانية أعوام كان بين المسجونين في أبو غريب[9].

كما وثَّقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أنه بحلول 12 أيار/مايو العام 2008، اعتقلت القوات الأمريكية 513 طفلاً على الأقل باعتبارهم يشكّلون “تهديداً للأمن”، ونقلت عدداً غير معروف من أطفال آخرين إلى الاحتجاز عند السلطات العراقية[10].

وبحسب “رايتس ووتش”، فإنه منذ العام 2003 احتجزت القوات الأمريكية 2400 طفل على الأقل، بمن فيهم أطفال أعمارهم سنوات فقط، وقد سُجِن معظمهم في “كامب كروبر” في بغداد وفي “كامب بوكا” قرب البصرة.

ونقلت المُنظّمة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الأطفال المحتجزين فُصِلوا عن البالغين، لكن الأطفال الأصغر أو الأضعف لم يُفصَلوا عن الأطفال الأكبر سنّاً. وقد سُمح لهم بالتواصل المحدود مع ذويهم من دون تعيين محامين لهم، بل عُيِّن لهم “وكيل عسكري” لمراجعة حالاتهم كلّ ستّة أشهر.

وأشارت المنظمة إلى أن متوسّط فترة احتجاز الأطفال كان 130 يوماً، وقد احتُجِز بعضهم لأكثر من عام من دون إخلاء سبيل أو مثول أمام المحكمة، وهذا ما يُعتبَرانتهاكاً لمذكرة سلطة الائتلاف المؤقّتة الخاصة بالإجراءات الجنائية، وفق تعبيرها.

ويشار إلى أنّ الولايات المتحدة كانت تتعامل مع الأطفال المحتجزين في العراق على أنّهم “أطفالٌ مجنَّدون”، وهذا يفرض عليها إعادة تأهيلهم بموجب الاتفاقية الدولية لمنع تجنيد الأطفال، التي صادقت عليها واشنطن في العام 2002.

إلا أن باحثة شؤون الأطفال في الشرق الأوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، كلاريسا بينكومو، انتقدت السياسة الأمريكية في العراق، وقالت إن واشنطن لم تلعب دوراً قيادياً في إعادة تأهيل الأطفال المجندين في هذا البلد، على عكس ما كانت تفعله في الصراعات التي لم تتدخل فيها بشكل مباشر.

ومع ذلك، أطلقت الولايات المتحدة تجربة خجولة لتأهيل الأطفال المحتجزين في آب/أغسطس العام 2007، عبر برنامج تعليمي في مركز كامب كروبر ببغداد أَسْمَتْه “بيت الحكمة”.

كان من المفترض أن يقدم هذا البرنامج التعليم لـ 600 طفل معتقل تتراوح أعمارهم ما بين 11 و17 عاماً. لكن مسؤولين عسكريّين أمريكيّين قالوا لهيومن رايتس ووتش إن ما بين 200 و300 طفل فقط استفادوا من هذه الخدمة[11].

 

الأحداث في مرحلة الحكومات المتعاقبة

شهدت الحالة السياسيّة في العراق، في أعقاب الغزو الأمريكي، مرحلة من التخبّط على مستوى الجهة التي ستحكم البلاد، ما أفضى إلى حرب أهلية بين العامين 2006 و2008، حربٍ هدأت وطأتها تدريجياً. وقد تسلّمت أول حكومة منتخبة الحكم في كانون الأول/ديسمبر العام 2005، في ظل انقسام سياسي وظروف صعبة خلّفتها الأعمال العسكرية.

وتصاعد التوتر بالرغم من استلام حكومة موحَّدة إدارةَ البلاد، بسبب الوجود الأمريكي وحالة الفلتان الأمني والمنافسة على رسم ملامح الانتقال السياسي، وتداخلت أعمال القوات الحكومية مع أعمال المليشيات الطائفية ولم يعد الفرق بينها واضحاً، ما أدّى إلى عرقلة إمكانية المساءلة القانونية في قضايا الانتهاكات المرتكبة.

في هذه المرحلة، اعتُقل عدد من الأشخاص الذين اتهمتهم الحكومة بـ “الإخلال بأمن الدولة”، ما أدّى لظهور حركات احتجاجية في أواخر العام 2012، في المناطق ذات الغالبية السنّية في العراق، طالبت بوقف إساءة معاملة المعتقلين وإطلاق سراح الأبرياء ومراجعة التشريعات التي استهدفت الطائفة السنّية، وفق أقوال المحتَجّين.

ولم تتوصّل حكومة نوري المالكي في حينه إلى حلّ مع المحتجين، بل واجهتهم بالعنف، وقد استغل تنظيم “الدولة الإسلامية” هذه الظروف لاحقاً للسيطرة على المناطق ذات الغالبية السنّية في العراق، في العام 2014.

كل ذلك خلق بيئة لا تراعي حقوق الإنسان، وسط انتهاكات طالت البالغين والأطفال على حد سواء، وقد شملت الاعتقال بلا محاكمة والتعذيب والمعاملة السيئة والمحاكمات غير العادلة والاستخدام المفرط لعقوبة الإعدام، وفق منظمة العفو الدولية.

وانتقدت المنظمة في تقرير لها “ثقافة الاعتراف” التي اتبعتها السلطات في حينه، عبر انتزاع اعترافات من المعتقلين تحت التعذيب واتخاذها دليلاً لمحاكمتهم حتى وإن أنكروها لاحقاً، خصوصاً أنّ الكثير من المتهمين أقروا أن تلك الاعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب[12].

كما طالت الانتقادات أيضاً إجراءات الطوارئ التي أعلنت عنها حكومة نوري المالكي في فترة حكمها بين العامين 2006 و2014، خصوصاً نظام “المُخْبِر السرّي” الذي دفعت بموجبه الحكومة تعويضات مالية مقابل كتابة تقارير أمنية وتسليم مطلوبين.

وقد تسبّب هذا النظام باعتقال الآلاف وتعريضهم للتعذيب من دون دليل مُثْبَت، لكن الحكومة العراقية أنهت التعامل به العام 2013.

أيضاً أجرى “متحف سجون داعش” مقابلات مع سجناء احتُجزوا سابقاً في سجون الأحداث في عهد حكومة نوري المالكي، ومنهم جمعة صلاح قادر، الذي اعتُقل العام 2008 إثر مشاركته في مشاجرة، ولم يكُن يومها قد تجاوز الثالثة عشرة من عمره.

يروي جمعة تفاصيل احتجازه في سجن الأحداث في الموصل، بعد الحكم عليه بالسجن سنتين وأربعة أشهر، قضى سبعة أشهر منها في سجن الأحداث، قبل تحويله إلى سجن “بادوش” المركزي، وهو ثاني أكبر سجن في العراق بعد سجن أبو غريب.

يقول جمعة إن القاعة التي احتُجز فيها كانت تضمّ 70 سجيناً بتهم مختلفة مثل السرقة والقتل والإرهاب. وقد تحدّث عن تمييز واضح بين السجناء، إذ لَقِيَ مَنْ لهم وساطات أو معارف في السجن أو خارجه، معاملات خاصّة، بخلاف سائر المساجين.

وعن حالات التعذيب التي عايشها، يقول جمعة إن الضرب على أخمص القدمين والحبس الانفرادي كانا أبرز العقوبات التي واجهها الأطفال هناك، لافتاً إلى أنه سُجن في إحدى المرّات في زنزانة انفرادية مدّة 15 يوماً.

كما تحدّث عن تدني مستوى الرعاية الصحية وقلة النظافة وانتشار الرطوبة، التي أدت إلى إصابة الأطفال بالجرب والأكزيما.

ولفت الشاهد إلى أنّه لم يشهد زيارة أي جهة معنيّة بحقوق الطفل للاطلاع على أوضاعهم في سجن أحداث الموصل، بعكس ما شهده لاحقاً في سجن “بادوش”.

في ظل هذه الكثافة في الانتهاكات التي شهدها العراق منذ العام 2003، واجهت الحكومات المتعاقبة انتقادات دوليّة بسبب عدم مراعاة حقوق الأطفال المُتهَّمين بارتكاب مخالفات، وتركّزت تلك الانتقادات على القضايا التالية:

 

تزايد الاعتقال التعسّفيّ

بحسب المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال، كان الاعتقال التعسّفي أمراً شائعاً في العراق قبل مرحلة الحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية”، لكنه ازداد بعد ذلك بذريعة محاربة التنظيم وملاحقة المشتبه بانتمائهم إليه، بمن فيهم الأطفال.

أدّى ذلك إلى إصدار مجلس الأمن في الأمم المتحدة، في العام 2017، بياناً رئاسيّاً “غير ملزم” وُجّه إلى الحكومة العراقيّة ينصّ على ضرورة إيلاء “اهتمام خاص” للأطفال الذين يُزعم أنهم مرتبطون بالجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، بما في ذلك أولئك الذين يرتكبون “أعمالاً إرهابية”.

وحثَّ البيان على ضرورة اتخاذ إجراءات موحّدة، لتسليم هؤلاء الأطفال بسرعة إلى الجهات المدنية المعنية بحماية الطفل. لكن بحسب مقابلات أجرتها المبادرة العالمية، لم تُعمَّم هذه الإجراءات على الأجهزة الأمنية والمليشيات العاملة في العراق[13].

الفتيات أدواتُ ضغطٍ على الذكور

انتقدت تقارير دولية لجوء السلطات العراقية إلى اعتقال أطفال لم يرتكبوا أي جريمة، بهدف الضغط على أقربائهم لتسليم أنفسهم. إذ كشفت هيومن رايتس ووتش في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2012، أنّ الشرطة العراقيّة اقتحمت 11 منزلاً في منطقة التاجي شمال بغداد، واعتقلت واحدّاً وأربعين شخصاً بينهم 29 طفلاً.

وأضافت أن 12 امرأة وفتاة، تتراوح أعمارهنّ ما بين الحادية عشرة والستين عاماً، تعرضن للاعتقال من دون توجيه أيّ تهمة لهنّ، مشيرة إلى أنهنّ احتُجِزْن أربعة أيام في مقر الفرقة السادسة التابعة للجيش العراقي، وتعرَّضْنَ للتعذيب والضرب والصعق بالكهرباء، كما غُطِيَت رؤوسهن بأكياس بلاستيكية حتى كدن يختنقن[14].

اعترافات تحت التعذيب

بالرغم من أنّ العراق صادق في تموز/يوليو العام 2011 على اتّفاقيّة مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلا أن التعذيب ظلّ مُعتَمداً في الكثير من الحالات لانتزاع الاعترافات قسراً، خصوصاً في مراكز الشرطة العراقية ومقرات المليشيات غير الحكومية، التي شاع فيها استخدام العنف ضد البالغين والأطفال.

وبحسب تقرير المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال، فإن الجهات الأمنية تسعى للحصول على اعترافات من الأطفال، من دون اتخاذ إجراءات كافية لمنع استعمال التعذيب أو الإكراه للحصول على هذه الاعترافات القسرية[15].

وأشار التقرير أيضاً إلى أنّ “قبول المحاكم (العراقية) اعترافات زُعم أنها انتزعت تحت التعذيب واعتمادها كأدلّة في المحاكم، يُعزّز استمرار التعذيب وسوء معاملة المعتقلين”.

وكذلك، انتقدت لجنة الأمم المتّحدة لحقوق الطفل، العام 2015، “ارتكاب الشرطة العراقية أعمال تعذيب ومعاملة قاسية أو مهينة، وفرض عقوبات على الأطفال”، وحثّت على إجراء تحقيق سريع ومستقل في تلك الانتهاكات وضمان محاسبة مرتكبيها، والتأكد من رفض الأدلة المنتزعة تحت التعذيب”[16].

خرق لحظر الإعدام

بموجب المادة 27 من اتفاقية حقوق الطفل الدولية، يُمنع الحكم بالإعدام على أي طفل ما دون الثامنة عشرة من عمره، مهما بلغ حجم الجناية المرتكبة، وهذا ما يؤيده أيضاً قانون العقوبات العراقيّ. إذ تنصّ المادة 79 من القانون العراقي على أنه “لا يُحكم بالإعدام على من يكون وقت ارتكاب الجريمة قد أتم الثامنة عشرة من العمر ولم يُتِمّ العشرين من عمره، ويحل السجن المؤبد محل عقوبة الإعدام في هذه الحالة”.

لكن بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش” جرى تجاهل هذا المنع في حالة واحدة على الأقلّ، حين حكم القضاء العراقي في تموز/يوليو العام 2011، بإعدام الطفل صالح موسى أحمد البيضاني (يمنيّ الجنسية)، على خلفية اتّهامه بارتكاب جريمة عندما كان في السادسة عشرة من عمره.

وكانت القوات الأمريكية قد اعتقلت البيضاني العام 2009، وسلمته لاحقاً إلى السلطات العراقيّة، ويقول والد صالح للمنظمة إن ابنه أخبره أنه أجبر على الاعتراف تحت التعذيب[17].

من جانبها، عبّرت لجنة حقوق الطفل عن قلقها من صدور أحكام بالإعدام على أشخاص لم يتمّ التحقق من أعمارهم بدقة بسبب عدم وجود شهادات ولادة، ودعت العراق إلى سحب جميع الأطفال المحكومين بالإعدام وضمان تطبيق حظر هذه العقوبة، واستبدالها بالحبس المؤبد للجرائم التي ارتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاماً [18].

ظروف اعتقال “لاإنسانية”

صدرت تقارير ودراسات دوليّة وثَّقت اعتقال الأحداث في العراق في ظروف قاسية لا تتماشى مع المعايير الإنسانية التي صادق عليها العراق منذ عقود. فقد تحدَّثت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) عن ازدحام شديد في مركز الطبشي لاعتقال الأحداث، بعدما زارت المكان في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر من العام 2007.

فبحسب البعثة، يتّسع مركز الطبشي لـ 200 طفل. لكن سُجِن فيه ضعف هذا العدد تقريباً، إذ كان الأطفال يتشاركون الأسرّة وينامون على الأرض بالتناوب من دون فرشات[19]، وهو ما أدى إلى تدني معايير النظافة وانتشار الأمراض.

وكشف تقرير لصحيفة الغارديان العام 2008 تفاصيل أسوأ أيضاً، إذ ذكَر احتجاز مئات الأطفال، بعضهم لم يتجاوز التاسعة من العمر، “ينامون في حرٍّ شديد محشورين في زنازين مزدحمة بلا مراوح، ولا يتاح لهم الاستحمام يومياً، ويتعرّضون لاعتداءات جنسية متكررة من الحرس”.

وقد نقلت الصحيفة عن أحد الصبيان المُعتقلين، ويدعى عمر علي (16 عاماً)، الذي اعتقل لأكثر من ثلاث سنوات في مركز أحداث الكرخ، قوله إن الحراس كانوا يأخذون الصبيان إلى غرفة أخرى ليغتصبوهم [20].

وكذلك عبرت لجنة حقوق الطفل، العام 2015، عن قلقها بشأن “ظروف الاحتجاز المتردّية التي يعاني منها الأحداث بما في ذلك الازدحام والتعرّض للاعتداءات الجسدية والجنسيّة ونقص الرعاية الطبية[21]“.

وفي العام 2017 زار وفد من منظمة “هيومن رايتس ووتش” ثلاثة مراكز أحداث، اثنان في القيارة وواحد في حمام العليل جنوب الموصل، وأكّد أن ظروف النظافة متردّية في المراكز الثلاثة، فضلاً عن الازدحام الشديد لدرجة أن الأطفال المعتقلين لم يجدوا مساحة للنوم على الأرض.

وأشار الوفد إلى أنّ إحدى الزنزانات التي زارها طولها ستة أمتار وعرضها أربعة، وقد احتُجز فيها 114 طفلاً مدة أربعة أشهر تشاركوا فيها مرحاضاً واحداً.

من الانتهاكات الأخرى التي وثقها الوفد في مركز حمام العليل، حَبْس الأطفال مع البالغين، وهو ما يعد خرقاً للمادة 37 من الاتفاقية الأُمميّة لحقوق الطفل، لكن في أحد مراكز القيارة قال الموظَّفون إنهم بدأوا حديثاً بحبس الأطفال في بناء منفصل عن البالغين، من دون السماح لهم بمغادرة الزنزانة للرياضة أو التعليم أو الزيارة العائلية.

وبعدها بعامين، أكدت المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال فصل الأطفال عن البالغين في السجون العراقية، باستثناء مركز واحد زاروه. لكن تحقيقهم لم يكن شاملاً كونه ركّز على مراكز اعتقال الأحداث الرسمية، ولم يشمل حالات اعتقال القاصرين في مراكز الشرطة.

بحسب تحقيق المبادرة، فإن الدولة العراقية قدمت “الحد الأدنى المطلوب” للأحداث المعتقلين، مشيراً إلى أن “جميع المساكن مزوَّدة بحمامات ومراحيض جماعية مع صابون من إدارة السجن”، وأنّ “كل معتقل يأكل ثلاث مرات في اليوم، وتشمل الوجبة أصنافاً معهودة من الطعام العراقي منها الخضار الطازجة ومشتقات الحليب”.

لكنه أكد في الوقت ذاته أن “ظروف الحياة أدنى من المقبول”، وقد تزداد سوءاً بسبب دخول عدد كبير من المعتقلين المدانين بالإرهاب إلى نظام السجون.

وذكر التحقيق أن “مساحة النوم في كل سجون الأطفال والأحداث ممتلئة، وظروف النظافة متردّية”، موضحاً أن بعض المراكز كانت أفضل من غيرها، من ناحية المهاجع الأكبر والباحات الخارجية وتقديم الدعم التعليمي، لكن الكثير من الأطفال حُرموا من الخروج للتنفس يومياً، ما أدى إلى انتشار الالتهابات الجلدّية والمشاكل التنفسية بينهم.

ويشير التحقيق إلى أن مراكز الاعتقال لا تحوي زنازين فردية، وهو مخالف للمعايير الدولية “التي توصي بزنازين فردية ليلاً والتفاعل مع الآخرين نهاراً”، مضيفاً أن المعتقلين الأحداث خضعوا للمراقبة بالكاميرات طوال الوقت وحُرموا من الخصوصية [22].

بالإضافة إلى ذلك، تشير تقارير حقوقيّة إلى أنّه منذ أوائل العام 2023، هناك حوالى 100 طفل معتقلين مع أمهاتهم في سجن الرصافة ببغداد، معظمهن أجنبيّات متَّهمات بجرائم متعلقة بالإرهاب، وسط مخاوف بشأن مصير أطفالهنّ[23].

إعادة التأهيل على المحك

تحثّ القوانين الدوليّة والتشريعات المحليّة على ضرورة تأهيل الأحداث اجتماعيّاً وعلميّاً أو مهنيّاً، عبر تطبيق برامج تأهيليّة شاملة ومدروسة، تضمن انخراطهم بشكل إيجابي وبنّاء في المجتمع.

وتقول المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال إن جميع مراكز الأحداث في العراق “توفر تعليم المنهاج العراقي، وتلتزم وزارة التعليم بدفع رواتب المعلمين”، لكن التعليم يكون للمرحلة الابتدائية فقط، باستثناء مركز اعتقال “الشالجية” الذي يوفر التعليم للمرحلة الثانوية.

وتكمن خطورة ذلك، بحسب المبادرة العالمية، في أن الأطفال والأحداث الذين اجتازوا المرحلة الابتدائية لا يسمح لهم باستكمال تعليمهم بعد الاعتقال، و”قد يؤدي ذلك إلى تداعيات واضحة على مستقبلهم”. مشيرة إلى أن جميع الأحداث الذين أخِذت شهاداتهم قالوا إنهم لم يقابلوا أي موظف خدمات اجتماعية.

واقع الأطفال في زمن التنظيم

تؤكد تقارير حقوقية أنّ أسوأ الانتهاكات التي تعرّض لها الأطفال في العراق وقعت في أثناء الحرب على تنظيم “الدولة”، إذ وقع الأطفال بشكلٍ متكرِّر ضحايا هذه الصراعات.

وكان التنظيم ضمّ بالفعل مجموعة من الأطفال إلى صفوفه كمقاتلين، بينما شغل آخرون في صفوفه وظائف مثل مخبرين ومراقبين وطباخين وعمال نظافة.

وعمد التنظيم إلى معاملة الأطفال المحتجزين عنده بوحشيّة، إذ فُرِض على العديد منهم التجنيد القسري والانخراط في العمليات الانتحارية والدعاية، مجبراً إياهم على تنفيذ إعدامات وتصويرها لأغراض ترهيبيّة. كما تعرّض بعضهم للتعذيب النفسي والجسدي، وحُرِموا التعليم والرعاية الصحية.

وقد عَمّت التحذيرات الدولية من معاملة هؤلاء الأطفال كـ”مجرمين” بعد اعتقالهم على يد السلطات العراقيّة والكرديّة، وسط مطالب بإعادة تأهيلهم ومنحهم فرصة للاندماج والتعافي، وإلا قد يتعرض استقرار العراق والمنطقة لمخاطر مستقبلية.

يُشار إلى أن عدداً كبيراً من الأطفال يحتجزون في السجون العراقية بسبب إدانتهم بـ”التبعية” فقط، وذلك لأن رجلاً من العائلة قد قاتل في صفوف تنظيم “الدولة”، أو لأن شخصاً من العائلة استمرّ في عمله المدني أثناء سيطرة التنظيم وأخذ معاشه منه.

وتقدّر “هيومن رايتس ووتش” أنه بنهاية العام 2018 كانت السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان تحتجزان حوالى 1500 طفل متّهمين بالارتباط بتنظيم “الدولة”، بينهم 185 طفلاً أجنبياً. إلا أن الأرقام التي قدمتها السلطات المحليّة لمشروع “سترايف” الأممي، العام 2019، تشير إلى أن عدد الأطفال المعتقلين بسبب الاشتباه بارتباطهم بالتنظيم ارتفع إلى 2000، بينهم فتيات وصبيان.

كما تشير التقديرات إلى أنّ أكثر من 100 ألف رجل وامرأة وطفل يصنفون بأنهم “عائلات داعش”، ويتعرضون للتشهير في مجتمعاتهم، إذ تمنعهم السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق من العودة إلى منازلهم، فضلاً عن أنهم يُحتجزون في مخيمات تفتقر إلى أدنى معايير الإنسانية، وتُعتبر بحكم السجون وفق “هيومن رايتس ووتش”، لأن الناس ممنوعون من المغادرة في معظم الأحيان.

وكشفت المنظمة عن تقارير تتّهم حرس المخيمات باستغلال النساء المحتجزات جنسياً، مقابل السماح لهنّ بالخروج من المخيم مؤقتاً، للعلاج مثلاً [24].

كما يواجه الأطفال تحدّيات كبيرة تتمثّل في حرمانهم الوثائق الأساسية، حتى تنتهي إجراءات التحقق من ارتباطهم بالتنظيم، فضلاً عن مسألة تشابه الأسماء، إذ يحمل بعض الأطفال أسماءً شائعة جداً مثل محمد عبد الله، ما يجعلهم عرضة للالتباس في الشخصية.

ومن التحدّيات أيضاً صعوبة الحصول على شهادات ولادة للأطفال الذين وُلدوا أثناء سيطرة التنظيم على مناطقهم، وبالتالي هم يُحرمون من حقهم في دخول المدارس وتلقي التعليم اللازم.

وبحسب “هيومن رايتس ووتش” فإن “الحكومة العراقية أقرّت سياسة الاحتجاز في المخيمات، وسط غياب أيّ استراتيجيّة أو خطّة مصالحة وطنيّة مُعْلَنة لإزالة العقبات التي تواجه هذه العائلات وتيسير عودتها الآمنة والكريمة إلى ديارها، أو الاندماج المحلي في أماكن أخرى من العراق[25].

في المقابل، ظهرت بعض الجهود الدوليّة لتحسين وضع الأطفال المحتجزين في العراق. فقد عقد برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، شراكة مع وزارة العدل العراقية، في تموز/يوليو العام 2021، لإقامة مشروع تحت اسم “سترايف جوفينيل: منع العنف الذي ترتكبه الجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة ضد الأطفال والأحداث والتصدّي له”.

عمل المشروع بعد عام من انطلاقه على تقدير الاحتياجات، من أجل تحسين ظروف الأحداث المحتجزين في مراكز الاعتقال في بغداد والموصل، ويخصّص المشروع جزءاً من عمله لتقديم التدريب المهنيّ وإضافة مساحات للرياضة والترفيه والزيارات العائلي.

وبالرغم من أهمّية تلك الجهود، لا تزال الحاجة ملحّة إلى تحسين أوضاع الأحداث في العراق، خصوصاً في المراكز غير الرسمية ومراكز الشرطة والمليشيات الداعمة للحكومة، كما تتفاقم الحاجة لحلّ قضية الأطفال المتّهمين بالانتماء إلى التنظيم أو المحتجزين مع ذويهم في مخيمات “عوائل داعش”.

سجناء الأحداث في إقليم كردستان

منذ إعلان استقلاله شبه الرسمي في دستور العام 2005، يسعى إقليم كردستان العراق إلى إقرار إصلاحات تشريعيّة وتنفيذيّة وقضائيّة بمعزل عن الحكومات العراقية، وبالتالي كانت انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة داخل الإقليم، بحسب بعض التقارير الحقوقيّة، “أقلّ” من تلك الموجودة على سائر الأراضي العراقية.

ومع ذلك يواجه الإقليم تحديات هائلة تتعلّق بمعايير حقوق الإنسان وتقديم المساعدات الإنسانية، خصوصاً أنّه يضم مئات الآلاف من النازحين في مخيمات ومراكز إيواء غير رسمية، بينهم عراقيون وسوريون فرّوا من الحرب، إلى جانب عوائل التنظيم المحتجزين.

وهذه التحدّيات مردّها إلى ظروف حصول الإقليم على استقلاله، إذ كان قد عانى في السابق من دمار كبير نتيجة التمرّد المسلح والقمع الشديد الذي مارسه نظام “البعث” لسنوات. لكن بعد حرب الكويت العام 1991، قررت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فرض منطقة حظر طيران لحماية الإقليم من هجمات النظام.

أدّى هذا القرار إلى نشوء حالة من الحكم الذاتي الفعلي في الإقليم، مما ساهم في استقرارٍ نسبي لسنوات، قبل أن يُثبَّت هذا الوضع رسمياً في الدستور العراقي العام 2005.

وبالعودة إلى الحديث عن الإصلاحات القانونيّة التي أقرّتها سلطات الإقليم بعد الاستقرار، أصبح سن الأهلية الجنائية 11 سنة بدلاً من تسع سنوات كما هو الحال في باقي مناطق العراق، لكن بحسب المعايير الدولية لا يزال هذا السن مبكراً أيضاً.

وكذلك سعت حكومة إقليم كردستان إلى تحسين أوضاع الأطفال في نظام القضاء وتحديد ما فيه من ثغرات، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” التي أصدرت تقريراً في تشرين الثاني/نوفمبر 2022[26] يحدد أبرز القضايا الشائكة المتعلقة بهذا النظام، وهي:

اعتقال خارج إطار القانون

بحسب تقرير “يونيسف”، فإن الاعتقال قبل المحاكمة لا يزال أول خيار وليس آخر خيار في إقليم كردستان العراق، لكنه في المقابل أشاد بتضاؤل عدد الأحداث المعتقلين في السنوات الأخيرة وإطلاق سراح كثيرين منهم بكفالة.

وبالرغم من وجود نظام إصلاح للأحداث في الإقليم، إلا أن الأطفال قد يواجهون انتهاكات عدة قبل انتفاعهم بهذا النظام، بسبب التأخّر بين اعتقال الطفل وتسليمه إلى مركز الشرطة، وهو ما قد يؤدي إلى احتجازه “بصفة غير قانونية” مع البالغين قبل نقله إلى مركز الأحداث.

ويتحدث التقرير أيضاً عن ارتكاب انتهاكات بعيداً عن الرقابة، لافتاً إلى وجود “ادّعاءات بوقوع حالات اعتقال أطفال بطرق غير قانونية أو تعسفية، على يد أفراد وجماعات مسلحة، وهي تُنفَّذ جزئياً في أماكن مجهولة[27].

استمرار التعذيب والاعتراف القسري

بحسب تقرير “يونيسيف”، وردت إفادات عدّة تتحدّث عن “ممارسة التعذيب من الناحية العملية لانتزاع اعترافات”، من دون ذكر تفاصيل إضافية.

إلا أن “هيومن رايتس ووتش” قدمت ادعاءات أكثر تفصيلاً، وأصدرت تقريراً بهذا الخصوص في آذار/مارس العام 2019، استند على مقابلات مع 29 طفلاً اعتقلتهم قوات أمن “الأسايش” في إقليم كردستان، بتهمة الارتباط بتنظيم “الدولة الإسلامية”.

قال 19 طفلاً للمنظمة، تتراوح أعمارهم بين 14 و 18 عاماً، إنهم تعرضوا للتعذيب بأساليب مختلفة لإجبارهم على الاعتراف، منها الجلد بخراطيم وكابلات والصعق بالكهرباء وتعليقهم بأوضاع مُجْهِدة.

وجمعت المنظمة شهادات مماثلة من 17 صبيّاً كانوا في نفس مركز الاعتقال العام 2016، قالوا فيها إنهم اضطروا إلى تقديم اعترافات كاذبة كي يتوقف التعذيب[28].

ظروف سيئة وتأهيل محدود

يُشير تقرير “يونيسيف” إلى أن مراكز تأهيل الأحداث، التي يُفترض أن تكون داعمة وتأهيليّة للأطفال، تبدو في الواقع أشبه بالسجون، وتقتصر برامجها على جوانب محدودة مع قلة التركيز على إعادة الاندماج. فالأطفال يعانون في تلك المراكز من ظروف سيئة، مع انعدام فرص الحصول على خدمات إعادة التأهيل قبل المحاكمة.

ويبدو أن فصل الأطفال عن البالغين يُطبّق فقط بالنسبة إلى الصبيان في دور الإصلاح أو المراقبة، لكنه لا يُطبّق على الفتيات أو الأطفال المحتجزين في أماكن أخرى[29].

وقد ذكر تقرير “هيومن رايتس ووتش” للعام 2024 أنّ الأطفال المحتجزين في “إصلاحية النساء والأطفال” في أربيل تحدّثوا عن ظروف أفضل بالمقارنة مع باقي المناطق العراقية، إذ كان الطعام أفضل والأطفال مفصولون عن البالغين.

لكن في الوقت ذاته، يقول التقرير إنه منذ العام 2019 لم يتلقَّ الأطفال المشتبه بارتباطهم بتنظيم “الدولة” أي تعليم، وحُبسوا في غرف لفترات تصل إلى 48 ساعة متواصلة، وحُرموا من الاتصال بعائلاتهم في فترة الاعتقال قبل المحاكمة.

وقال بعض الصبيان للمنظمة إنهم تعرضوا للضرب على يد حراس الإصلاحية بسبب ما اعتبروه “سوء سلوك”[30]. فيما قال آخرون إن الحراس أخذوهم بعيداً عن كاميرات المراقبة وضربوهم بالخراطيم والأحذية[31].

أملٌ بمستقبل أفضل؟

أجرى مجلس شورى إقليم كوردستان، بالتزامن مع تقرير “يونيسيف” السابق، نقاشاً حول مشروع قانون حقوق الطفل، والذي وصفته “يونيسيف” بأنه “مشروع قانون حديث يُعزز حقوق الطفل الفرديّة بشكل مطابق لاتفاقية حقوق الطفل، ويغطي نطاقاً أوسع بكثير من قانون رعاية الأحداث الرقم 76 للعام 1983. لكنه يُقدِّم تفاصيل أقل”.

وبالرغم من أنّ مشروع القانون لا يزال قيد الدراسة منذ العام 2022 وحتّى الآن تسود آمال في أن نظام عدالة الأطفال سيستمر بالتحسن داخل الإقليم.

لكن بحسب “يونيسيف”، عندما يتعلق الأمر بالأطفال المتّهمين بالارتباط بالإرهاب أو الجرائم المتعلقة بالمخدّرات، سواء في إقليم كردستان أو في باقي المناطق العراقية، يتحوّل نظام قضاء الأطفال إلى نظام أمني واسع النطاق.

ومع تراجع تهديد تنظيم “الدولة الإسلامية”، يشهد عدد الأطفال المعتقلين بتهم الإرهاب انخفاضاً ملحوظاً، كما يجري تحويل المعتقلين الحاليين إلى سجون البالغين عند بلوغهم السن القانونية، أو يُفرَج عنهم.

لذلك قد يتمكّن العراق، في حال الوصول إلى استقرار أكبر، من تخصيص المزيد من الموارد لتحسين أوضاع الأطفال المعتقلين، على أمل أن يتقلّص عددهم وأن تحوّل الدولة تركيزها من المعاملة الأمنية مع هذه الفئة من المجتمع إلى إعادة تأهيلها.

 

 

  1. . تقرير المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال: دراسة نظام عدالة الأحداث الرسمي وغير الرسمي في العراق
  2. . ملخص الاتفاقية:
    https://www.unicef.org.uk/wp-content/uploads/2019/10/UNCRC_summary-1_1.pdf
  3. . SAVE THE CHILDREN (أنقذوا الأطفال)، السويد، شبكة منارة، ملف العراق، مراجعة لتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، آب/أغسطس 2011، ص 24، بيروت، لبنان.
  4. . حملة الأنفال (1986-1989) هي عملية عسكرية شنَّها النظام العراقي السابق بقيادة صدام حسين ضد الأكراد في شمال العراق بهدف القضاء على التمرد الكردي. أسفرت الحملة عن مقتل عشرات الآلاف من الأكراد وتدمير آلاف القرى، وشملت استخدام الأسلحة الكيميائية.
  5. . اندلع التمرُّد الشيعي في العراق العام 1991 بعد حرب الخليج، بعد أن ثار الشيعة في جنوب العراق ضد نظام صدام حسين للمطالبة بحقوقهم السياسية. لكن النظام قمعهم بشدّة، وقد سقط الآلاف من القتلى في عمليّة القمع كما شُرّد الكثيرون.
  6. . مقابلات أجراها ” متحف سجون داعش” مع سجناء سابقين.
  7. . تقرير لمنظمة العفو الدولية (Amnesty International) حول الإفلات من العقاب في العراق
  8. . تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش حول الانتهاكات البريطانية في العراق.
  9. . تقرير الجزيرة حول اعتقال أطفال في سجن أبو غريب.
  10. . الولايات المتحدة: ينبغي احترام حقوق الأطفال المُحتجزين في العراق احتجاز الولايات المتحدة الأطفال من دون مراعاة إجراءات التقاضي السليمة، هيومان رايتس ووتش، 19 أيار/مايو 2008.
  11. . المصدر السابق.
  12. . العراق: عقد من الانتهاكات، منظّمة العفو الدوليّة، 9 نيسان/أبريل 2013.
  13. دراسة نظام قضاء الأحداث الرسمي وغير الرسمي في العراق، المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال.
  14. العراق: النظام القضائي محطم، هيومان رايتس ووتش، 31 كانون الثاني/يناير 2013، الرابط:
  15. دراسة نظام قضاء الأحداث الرسمي وغير الرسمي في العراق، المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال.
  16. المصدر السابق.
  17. . العراق: يجب على العراق وقف إعدام “الحدث” اليمني، هيومان رايتس ووتش، 9 كانون الأول/ديسمبر 2012.
  18. ؟ الملاحظات الختامية للجنة حقوق الطفل CRC/C/IRQ/CO/2-4، تاريخ 2 آذار/مارس 2015، ص 21.
  19. الولايات المتحدة: ينبغي احترام حقوق الأطفال المُحتجزين في العراق احتجاز الولايات المتحدة للأطفال دون مراعاة إجراءات التقاضي السليمة، هيومان رايتس ووتش، 19 أيار/مايو 2008.
  20. سجناء يتحدثون عن اعتداءات جنسية وضرب في سجون الأحداث المزدحمة في العراق، الغارديان، 8 أيلول/سبتمبر 2008.
  21. الملاحظات الختامية للجنة حقوق الطفل، CRC/C/IRQ/CO/2-4، تاريخ 2 آذار/مارس 2015
  22. . دراسة نظام قضاء الأحداث الرسمي وغير الرسمي في العراق، المبادرة العالمية بشأن العدالة مع الأطفال.
  23. . تقرير هيومان رايتس ووتش للفريق العامل لما قبل الدورة 98 للجنة حقوق الطفل، 27 آذار/مارس 2024.
  24. “عوائل الدواعش” المزعومة في العراق: محتجزة ومذمومة ومنسية. هيومن رايتس ووتش. 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
  25. المصدر السابق
  26. . تحديد وتقييم نظام عدالة الأحداث في إقليم كوردستان العراق. اليونيسف في العراق. تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
  27. . المصدر السابق.
  28. . لازم كلّكم تعترفون: الانتھاكات ضد الأطفال المشتبه في انتمائھم إلى داعش في العراق، هيومان رايتس ووتش، 6 آذار/مارس 2019.
  29. . تحديد وتقييم نظام عدالة الأحداث في إقليم كوردستان العراق. اليونيسف في العراق. تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
  30. . تقرير هيومان رايتس ووتش للفريق العامل لما قبل الدورة 98 للجنة حقوق الطفل، 27 آذار/مارس 2024
  31. . لازم كلّكم تعترفون: الانتھاكات ضد الأطفال المشتبه في انتمائھم إلى داعش في العراق، هيومان رايتس ووتش، 6 آذار/مارس 2019.